الثلاثاء، 6 أكتوبر 2015

إعجاب ياقوت بـ(معجميْه) معجم البلدان و معجم البلدان (1)





عباس أرحيلة
أولا: الديباجة
 أصبح من المقرر في زمن ياقوت (ت626هـ) أن ديباجة مقدمة الكتاب في الثقافة الإسلامية تشتمل على العناصر الآتية: البسملة والحمدلة والصلاة على النبيّ وآله وصحبه فالبعدية.
ويلاحظ على الحمدلة العناية ببراعة الاستهلال: لما كان موضوع الكتاب يرتبط بالتعريف مما له علاقة بالأرض وما فيها من آثار عمرانية، ما عرفته البلدان من أسماء؛فبدأ كتابه بقوله: « الحمد لله الذي جعل الأرض مِهاداً والجبال أوتاداً... وصحارى وبلادا، ثم فجّر خلال ذلك أنهاراً، وأسال أودية وبحاراً، وهدى عباده إلى اتخاذ المساكن؛ فشيّدوا البنيان، وعمّروا البلدان. وجعل حرصهم على تشييد ما شيّدوا، وإحكام ما بنوْا وعمّدوا؛ عبرةً للغافلين، وتبصرة للغابرين... ». ولم يفته أن يُشير إلى ضرورة الاعتبار من إعمار الأرض، فلا يغترّ الإنسان بما شيّده فيها، فذلك لا يضمن له الخلود فيها. وأتى بقول الله تعالى: ﴿ أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثاراً في الأرض فما أَغنى عنهم ما كانوا يكسبون﴾ [غافر:82].

ثانيا: موضوع الكتاب
ذكره بعد البعدية فقال: « فهذا كتاب في أسماء البلدان، والجبال والأودية القيعان، والقرى والمحال والأوطان، والبحار والأنهار والغدران، والأصنام والأبداد والأوثان».
ثالثا: دواعي التأليف وأسبابه
« لم أقصد بتأليفه، وأصمُد نفسي لتصنيفه؛ لهواً ولا لعباً، ولا رغبةً حثَّتني إليه ولا رهْباً، ولا جنيناً استفزّني إلى وطن... رأيتُ التصدّي له واجباً، والانتدابَ له مع القدرة عليه فرضاً لازباً، وَفّقني عليه الكتاب العزيز الكريم، وهداني إليه النبأ العظيم، وهو قوله عز وجل حين أراد أن يعرِّف عباده آياته ومثُلاته، ويُقيم الحجة عليهم في إنزاله بهم أليمَ نَقَماته: ﴿  أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور﴾ [ الحج:46]؛ فهذا تقريعٌ لمن سار في بلاده ولم يعتبر، ونظر إلى القرون الخالية فلم ينزجر».  المنطلق في المشروع خلفيته الإسلامية التي تتمثل في التدبر في منهج الله تعالى، والذكير بسنن الكون، وأنه آئل للزوال، وراجع إلى معاد.
- واعتباراً لمكانة الكتاب في نفس صاحبه، وما خامره من إعجاب به؛ قال في مقدمة معجمه :«وعلى هذا أقول ولا أحتشم، وأدعو إلى النزال كلَّ عَلَمٍ ولا أنهزم، إن كتابي هذا أوحدُ في بابه، مُؤَمَّرٌ على أضرابه، لا يقوم بإبراز مثله إلاَّ مَن أُيِّدَ بالتوفيق، وركِب في طلب فوائده كلَّ طريق»[1/13].
أمّا في مقدمة معجم الأدباء يقول:«ولو أنصف أهلُ الأدب؛ لاستغنَوا به عن المأكَل والمَشرَب؛ ولكنني أخافُ أن ياتيَه النقصُ من جهة زيادة  فضله، وأن يَقعُد بقيام جَدِّه عِظَمُ خطره ونُبله»[1/14].

(1)             حقق معجم البلدان أول مرة المستشرق فستنفيلد ( Ferdinand Wuestenfeld 1808 - 1899 )   في 6 مجلدات ليبتسك 1866 – 1875، وطبع طبعة ثانية سنة 1924.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق