السبت، 29 أغسطس 2015

الحكمة والتداخل بين الفكري والعملي



الحكمة والتداخل بين الفكري والعملي
( محاضرة مهداة إلى منتدى الحكمة للمفكرين والباحثين)
 
عباس أرحيلة


بسم الله الرحمن الرحيم
 الحمد لمن له الحكم والأمر، هو الحكيم يؤتي الحكمة مَن يشاء، أحكم الحاكمين بعث آخر رسله ليُعلِّمَ الناسَ الكتاب والحكمة، ويدلَّهم على منهج الله، ويدعوهم إلى الاحتكام إليه، والصلاة والسلام على من جعل حركة الحياة تحتكم لما جاء به من لدن حكيم خبير، وعلى آله وصحابته الطاهرين. وبعد فهذه كلمة عن الحكمة حين يرتبط فيها الفكر بالعمل.

 
تمهيد:
 
دلًّ لفظ الحكمة على مجموعة من المعاني في مساره التاريخي؛ نتيجة لما كان للفكر الإسلامي من تفاعلات مع غيره من الأفكار التي اتصل بها. ومن تلك المعاني إطلاق لفظ الحكمة على إحكام العقل وعلى الفلسفة وعلم الطب وعلم الكيمياء والشعر...
ولم تكن وجهتي في تحديد ماهية الحكمة هذه المناحي في النظر، وإنما كان معتمدي في النظر إلى حقيقتها ومرجعيتها ومضمونها ومقاصدها، المجال التداولي الإسلامي؛ إذ ظلت ماهية الحكمة نابعة من ذلك المجال: لغةً ومعرفة وعقيدةً؛ ومتأصلة فيه، وموصولة به على امتداد تاريخنا الإسلامي.
والحكمة وإن تعددت معانيها في المجال التداولي الإسلامي؛ فإن تلك المعاني ظلت متقاربة في مجملها تفيد الاحتكام إلى الوحي مع الاستقامة على المنهج والاسترشاد به، والتخلق بمقتضاه في مجال السلوك. وتبدأ تلك المعاني في مجملها من الفهم لمقاصد الوحي ثم ترجمة ذلك الفهم سلوكاً في الحياة. وأهمية الفهم في حضارة الإسلام أن العمل يتوقف عليه، ويكون بمقتضاه؛ ومن ثمّ تتوقف حركة الحياة عليه؛ إذ لا يُمكن العملُ بما لا يُفهَمُ معناه. والجوهري في حقيقة الحكمة طبيعة التداخل فيها بين الفكر والعمل، بين القول والفعل.
فما المراد بكلمة حكمة في المجال التداولي الإسلامي؟ وكيف يتداخل في حقيقتها ما هو فكري بما هو عملي؟
 
أولا : الحِكمة  من الحَكمَة
 
(1)حَكَمَةُ اللجام تمنعُ الفرس أن يسير من غير قصد:
 
الأصل في كل الأمور المعنوية أن يُؤخذ ما يدل عليها في اللغة من الحس، لتقترب من الأفهام. والأصل المعجمي الأول للفظ الحِكمة مأخوذ من الحَكَمَة ( بفتح الحاء والكاف ) وهي حديدة مستديرة في اللجام؛ وسُمّيتْ حَكَمَة لمنعها؛ لأنها تمنع الدابة من الجري على هواها، وتكفُّها عن مخالفة راكبها، والذهاب به تَبَعاً لغريزتها من غير قصد. فيقال: حكَمتُ الفرسَ وأحْكَمْته وحَكَّمْته إذا قدعتُه وكففتُه. وحكمْتُ الدبةَ وأحكمتُها بمعنىً: أي منعتها بالحَكَمَة(1).
وحَكَمَةُ الشَّاة: ذَقْنُها. والحَكَمَة من الإنسان أسفل وجهه مستعار من موضع حكَمَة اللجام. وفي الحديث: ما مِن آدمي إلا وفي رأسه حَكَمَة إذا همَّ بسيئة؛ فإن شاء الله قَدَعَهُ بها قَدَعَه (2)؛ أي منَعَه وكفَّه عما تتطلعُ إليه نفسُه من شهوات.
 
(2) الحِكْمة مَنْعٌ من السَّفَه والفساد:
 
ويقال: حكمتُ السفيهَ وأحكمته إذا أخذتُ على يده ومنعته ممّا أراده. والعرب تقول: أحْكِمِ اليتيمَ عن كذا وكذا: يريدون مَنْعَه. قال إبراهيم النخعي:« حَكِّمْ اليتيمَ كما تُحكِّمْ ولدَك، أي امْنَعْهُ من الفساد وأصلحْه» (3).
يقول جرير :
    أبني حَنيفةَ أحكِموا سُفهاءَكم       إني أخاف عليكمُ أن أغضبا
ورَفْعُ الحَكمَة كناية ٌعن الإعزاز، لأن من صفة الذليل تنكيس رأسه. من هنا جاء من معاني الحَكَمَة: القَدْر والمنزلة. ومنه حديث عمر أن العبد إذا تواضع رفع الله حكمَته أي قدْرَه (4).
 
(3)الحكَمة مجازاً المنعُ من الظلم:
 
ومنه سُمي الحاكم حاكما لأنه يمنع الظلم. والحُكمُ هو المنعُ من الظلم. والمحكمة هي المكان الذي يُمنَعُ فيه الظلم. والظلم لغة وضع الشيء في غير موضعه، والحكمة وضع الشيء في موضعه، والله تعالى منع الظلم عن نفسه، وهو الحكيم أي المانع من السّفه والفساد والظلم.
 
(4)السورة المُحْكَمَةُ: المانعةٌ من الجهل:
 
والسورة المُحكمة: الممنوعة من التغيير والتبديل، فلا يَلحَقَ بها ما يَخرج منها، أو يُزادُ عليها ما ليس منها، والحِكْمَةُ من ذلك؛ أنها تمنع صاحبها من الجهل. ويقال أحكمَ الشيء إذا أتقنه ومنعه من الخروج عما يُريد، فهو مُحكَم وحكيم(5).
والآيات المحكمات هي التي لا يُرجع فيها إلى غيرها، لوضوح معناها دون إشكال أو التباس.
 
(5)الحِكْمَةُ كفُّ النفس عن جموحها:
 
وإذا كانت الحَكمَة تمنع الفرس من الجموح والذهاب في غير قصد حسب ما تمليه عليه غريزته؛ فإن الحِكمَة إنما سميت حِكْمَة لمنعها النفس من هواها، وكفّها عن جموحها.
وإذا تذكرنا أن ما يُكلف به الإنسان في الشرع دائر بين الفعل والترك، وأن النفس لها ميول إلى ما تستلذه من الشهوات؛ فإن النواهي الشرعية تأتي بمثابة حَكَمة تقوم  بتوجيهات تحمي الإنسان من شهواته وميوله ورغباته.
 ويأتي الدين ليحدد تلك التوجيهات ويحدد كيفيات العمل بها؛ فتمتزج الآثار السلوكية بالتوجيهات الدينية لتحقق إنسانية الإنسان على الوجل الأكمل والأفضل. وهذه الآثار السلوكية هي الأخلاق؛ «وهي التي تقوم عليها الهوية الإنسانية»، كما يقول د. طه عبد الرحمن (6).
والأصل في الحكمة – كما رأينا - ما يُمتنع به عن السفه. والسفه ضد الحكمة. فالحكمة تأتي في مقابل الهوى فهي نهي النفس عن الهوى وزجرها عن المعاصي والمحارم، وإلجامها بالصبر وترويضها على طاعة أمر الله.
 
(6) إبليس يَحتَنِك أبناء آدم:
 
 وإبليس يتولى الإغواء باستجلاب الخلق إلى الشهوات،جاء على لسانه في قوله تعالى: ﴿لئن أخرتنِِ إلى يوم القيامة لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَتَهُ إلا قليلاً﴾[ الإسراء:63 ]؛ معناه: لأسوقنَّهم حيث شئتُ، وأقودَنَّهم حيثُ أردتُ؛ فهو يسوق أبناء آدم  ويقودهم بالرَّسن كما أراد؛ من حَنَكْتُ الفرسَ إذا جعلت في فمه الرَّسَن، وكذلك احتنكتُه. وإنما قال إبليس ذلك ظنا؛ كما قال تعالى:﴿ولقد صدَّقَ عليهم إبليسُ ظنَّهُ﴾ [ سبأ: 20]، أو علِم من طبع البشر تركُّب الشهوة فيهم؛ أو بنى على قول الملائكة: ﴿أتجعل فيها مَن يُفسِدُ فيها﴾؛ [ البقرة: 30 ]. قال الحسن – البصري-: ظَنَّ ذلك لأنه وسوس إلى آدم ليه السلام فلم يجد له عزما(7).
قال الزمخشري (538هـ) إن إبليس قال ذلك لما سمعه من الملائكة، أو  نظر إلى آدم فتوسم في مخايله أن خَلْقٌ شهواني، وقيل: قال ذلك لما عملت وسوسته في آدم (8).  
وقال ابن عطية (546 هـ)، وقوله﴿ لأحتَنِكَنَّ﴾: لأُميلن ولأَجُرَّن، وهو مأخوذ من تحنيك الدابة، وهو أن يُشد على حنكها بحبل أو غيره فتنقاد، وذُكر في معناها: لأستأْصِلَنَّ، لأَستَوْلِيَنَّ، لأُضِلَنَّ، وحكم إبليس على آدم، من حيث رأى الخلقة مجوفة مختلفة الأجزاء وما اقترن بها من الشهوات والعوارض، كالغضب ونحوه(9).
 
(7) الحِكْمَةُ إلْجامٌ لهوى النفس:
 
تبيَّنَ في حياة الإنسان أن أعدى عدوّ له نفسُه التي بين جنبيْه، وأنه في تجربته الإنسانية على الأرض، سيخوض صراعاً أبديا مع إبليس ومع هوى نفسه، واتضح أن من قَهَرَ هواه؛ قَهَرَ أقوى أعدائه وشر خصومه. و«الهوى شيطان»، كما قيل.
ومن هنا قيل:«العاجز مَن يعجز عن قذع نفسه، وقيل الهوى شريك العمى، واتباع الهوى أوكد أسباب الردى» (10). ونسب إلى علي بن أبي طالب قوله: أخاف عليكم اثنين: اتباع الهوى، وطول الأمل؛ فإن اتباع الهوى يصد عن الحق، وطول الأمل يُنسي الآخرة.
 وصار من الأقوال المأثورة: من أطاع هواه باع دينه بدنياه.
ومن الآيات التي تُحذر من اتباع الهوى، وتبيّن خطورة ذلك:
- ﴿وأما مَن خافَ مَقامَ ربِّه ونهىَ النفسَ عن الهوى فإنَّ الجنَّةَ هيَ المأوْى﴾ [ النازعات: 40 - 41 ].
- ﴿ولا تُطعْ مَن أغفلنا قلبَهُ عن ذِكرِنا واتبعَ هواه وكان أمرُهُ فُرُطاً﴾ [ الكهف: 28].
- ﴿ ولو اتَّبَعَ الحقُّ أهواءَهم لفسدتِ السمواتُ والأرضُ ومَن فيهنَّ﴾ [ المؤمنون: 72 ].
- ﴿ولا تَتَّبِعُوا أهواء قوم قد ضلُّوا من قبلُ وأضلُّوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل﴾ [ المائدة: 77 ].
- ﴿ولا تتبعْ أهواءَ الذين لا يعْلمون﴾ [ الجاثية: 18 ].
- ﴿ ولا تَتَّبِعْ الهوَى فيُضِلَّكَ عن سبيل الله [ص: 25 ].
- ﴿أفرأيتَ مَن اتخذَ إلهَهُ هواهُ وأضَلََّهُ اللهُ على علْم﴾ [ الجاثية: 22].
- ﴿ومنْ أضَلُّ مَنْ اتَّبَعَ هوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ[ القصص:50 ].
(8) الأهواء تستعبد البشر:
واضح من الآيات السابقة أن الإقبال على الله لا يكون إلا بمخالفة الهوى. وأن الحكيم من حكم نفسه وقيدها بشرع الله تعالى ورفض أن ينصاع لشهواته، وأبت له همته أن تستعبده أهواؤه. فالحكمة أن يتقيد سلوك المرء بمنهج الله تعالى ويحتكم إليه في حركته في الحياة. وعين الحكمة الاسترشاد بأمر الله.
 فما تتمايز أخلاق الناس إلا بمخالفة الأهواء. وما الغرور إلا سكون النفس إلى ما يُوافق الهوى. وما التقوى إلا اتقاء الشهوات.
 وقد قال بعض الحكماء:« إذا اشتبه عليك أمران فانظر أيهما أقرب إلى هواك فخالفه، فالصواب في مخالفة الهوى» (11).
  وفي الحديث لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به.
فالحكمة إلجام للغريزة، وقمع لشهوة النفس حتى لا تنصاع لأهوائها. فهي تَحَكُّم في السلوك تحكما يستقيم به نظام الكون، وتسعد به النفس في الحال والمآل. ولا استقامة بغير وضعِ الحَكَمَة موضعها الصحيح، وبغير تحديد للوِجهة الصحيحة، أي أنه لا استقامة بغير منهج تنتظم به حركة الحياة.
وقيل:« سلطان مَن ملك الهوى فوق سلطان مَن ملك الدنيا»(12).
يقول ابن المعتز :
 إذا ما رأيتَ المرءَ يقتـــــاده الهوى         فقد ثكِلتْـــــــــه عند ذاك ثواكله
وما يردع النفس اللجوج عن الهوى        من الناس إلا حازمُ الرأي كامله
جاء في (إحياء علوم الدين):«من اتخذ الحكمة لِجاما اتخذه الناس إماما »(13).
فكيف تؤدي الحَكمَة وظيفتها في توجيه السلوك الإنساني؟ هذا «الكيف» يُقدمه الوحي الإلهي بشكل عام وتبينه  السنة النبوية وتفصله قولا وسلوكا وتوجيها بشكل خاص.
 
ثانيا : الحِكْمَة سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ
 
  وإذا استحضرنا الآيات الكريمة التي وردت فيها لفظة حكمة، نجدها حين تأتي مقترنة بالكتاب أي يتم فيها الفصل بالواو بين الكتاب والحكمة؛  تدل على السنة كما في قوله تعالى:
 - ﴿لقد منَّ اللهُ على المؤْمِنينَ إذ بَعَثَ فيهمْ رَسُولا من أنْفُسِهِمْ يَتْلُو عليهِم آياتِه ويُزكِّيهم ويُعلِّمهم الكتابَ والحِكْمةَ وإنْ كانوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاٍل مُبِينٍ [ آل عمران:124].
- ﴿وأنزل اللهُ عليك الكتابَ والحكمةَ وعَلَّمَكَ ما لم تكن تَعْلَمُ وكان فضلُ اللهِ عليك عظيماً [ النساء: 112 ].
- ﴿ هو الذي بَعَثَ في الأميِّين رسولا منهم يتلو عليهم آياتِه ويُزَكِّيهَم ويُعَلِّمُهُمْ الكتابَ والحكمةَ وإن كانوا من قبلُ لفي ضلال مبين[ الجمعة: 2].                                                        - ﴿كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون[ البقرة: 151 ].
وفي خطاب لأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم:
 - ﴿ واذكرن ما يُتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا ﴾ [ الأحزاب:34].
 والمراد بالحكمة في هذه الآيات ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم مما لم يُذكر في الكتاب. فالكتاب والحكمة معا من الله تعالى، قرن بينهما، وأوجب التصديق بهما، وفرضَ العلمَ والعملَ بهما على خلقه (14)؛ انطلاقا من قوله تعالى:﴿وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ﴾.
يقول الإمام الشافعي: والحكمة هي ما جاءت به الرسالة عن الله مما بينته سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسنة الرسول وحي وبيان عن وحي، وأمرٌ جعله الله تعالى إليه بما ألهمه من حكمته وخصَّه به من نبوته، وفَرَضَ على العباد اتباعَ أمرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم (15).
قال ابن تيمية:« وأما الرسول فينزل عليه وحيُ القرآن، ووحيٌ آخر هو الحكمة، كما قال: ألا إني أُتيتُ الكتابَ ومثلَه معه » (16).
فالحكمة هي السنة التي أتت لتوجه حركة الإنسان لصواب الأفعال التي تستقيم بها الحياة، وتُدرك بها مرادات الله تعالى، فهي المنهج والعلم. قال تعالى:
 ﴿ فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم﴾ [ آل عمران:61].
وقال في آية أخرى:﴿ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ﴾[ البقرة:120]. فالعلم هو ما أتى به الرسول عن الله. وأفضل العلوم عند أهل الإسلام ما تُدرك به مرادات الله تعالى. وهو علم لا يتأتى  إدراكه إلا بتفقه وتعقل.
يقول الغزالي:«حسن الشهوة وصلاحها أن تكون تحت إشارة الحكمة؛ أعني إشارة العقل والشرع » (17).
 
ثالثا : الحكمة تفقه في الوحي بشقيه: الكتاب السنة
 
أ - الحكمة العلم:
 وضع حَكَمة للشهوات والأهواء يحتاج إلى تعقل وعلم وتتفقه في المنهج الذي يُحتكم إليه. وقيل للعلم حِكمة لأنه يُمتَنَعُ به عن الجهل، وبه يُعلَمُ الامتناعُ من السفه. من هنا يراد بالحكمة العلم بحقائق الأشياء عامة، وبحقيقة السنة وتدبير أحوالها وتدبر مقاصدها (18).
وقيل: مفهوم الحكمة زائد على مفهوم العلم وإلا لتكرر قوله ﴿ إنك أنت العليم الحكيم. وتقدمت صفة العليم على صفة الحكيم لأن الإتقان ناشئ عن العلم.
ب – الحكمة العقل:
وضع الحَكَمَة يتقوى باستعمال العِقال؛ إذ الأصل في كل منهما المنع والتقييد (من عقَلَ فلانا عن حاجته: حَبَسَه عنها، وتَعَقَّلَه: حبسه ومنَعه ).
الحِكمة حَكَمَةٌ تُلجم الأهواءَ، والعقل تَـعَقُّلٌ يحمي صاحبه من الاندفاع في مهاوي الأهواء والانحراف عن جادة الصواب، والوقوع في كل ما هو قبيح.  والحكمة هي تلك القوة التي يتم بها ضبط النفس، وبها تُدرك النفس الخيرات في الأعمال، وتسمى العقل العملي، كما رأينا.
 يلاحظ أن المنع هو الأصل الغوي المشترك بين الحكمة والعقل؛ إذ العقل لغة هو المنع لمنعه صاحبه من العدول عن سواء السبيل؛ فوظيفة كل منهما أن تمنع الإنسان من التسيب والضلال والوقوع فيما يُفسد حركة الحياة.
المنطلق في الحكمة والعقل واحد، في المجال التداولي الإسلامي؛ إنه الاحتكام لمنهج الله كما تبين في شريعة الإسلام. وأي عقل هذا ؟ إنه العقل المؤيد بالوحي وبشريعة الله. وإذا كانت مهمة العقل هي التمييز بين الحق والباطل؛ فإن الحكمة هي النظر بعين الاستبصار والاعتبار من أجل بلوغ الحق. فهما يمنعان من الطيش والجهل؛ ويكبحان أهواء النفس فيصرفانها عن أسباب الشر ويدعوانها إلى أسباب الخير. ويكون من الحكمة الاحتكام إلى ما أقره العقل.
وحين يتم التقيد عن الشر تنقاد النفس لمنهج الله تعالى. وحقيقة الإسلام الانقياد لذلك المنهج.
يقول ابن القيم الجوزية:« العقول المؤيدة بالتوفيق ترى ما جاء به الرسول هو الحق الموافق للعقل والحكمة »(19).
فالحكمة والعقل بهذا لا يتنافيان مع التجديد والانطلاق في مجالات الإبداع. بل إن معاناة التحكم في النفس وإعقالَها مما يُعمق الخبرة بها وبما يُحيط بها؛ فتتعمق تجربة الإنسان في دنياه فيُصبح حكيما. والحكيم من أحكمته التجارب (20).
 ومما له علاقة بالحكمة في مدلولها على العقل ما يلاحظ من استعمال لفظ الحكمة بمعنى المقصد والعلة والغاية في الممارسة الكلامية والأصولية والتفسيرية بشكل خاص وفي سائر الممارسات الفكرية بشكل عام. فيقال: ما الحكمة في مشروعية كذا ؟ وما حكمة الشارع في كذا ؟ وما الحكمة في ذلك ؟ واقتضت الحكمة كذا وكذا ... وهي بحوث في علل الأوامر والنواهي والشرائع عامة، لربطها بالمصالح والمقاصد؛ زيادةً في البصائر وتطلعاً للعقول  من أجل معرفة تلك المقاصد.
 فالتمييز الذي أنيط بالعقل يترتب عليه السعي الدائب إلى الفهم وطول التفكير وبُعد النظر؛ مما يتحقق معه فقه الأشياء والعلم بها، والحكم عليها بعدل وإنصاف. وهذا يؤدي بصاحبه إلى التدبر فيما تؤول إليه الأمور فيدعو ذلك إلى إعمال الحَكَمة لحركات النفس في أطوارها المختلفة. والتحكم فيما نعلم ونعقل يجعلنا نُصيب في أقوالنا وأفعالنا ونسمو بنفوسنا في مدارج الرقي الإنساني.
والحكمة في كتب التفسير والحديث يُراد بها تعقل الوحي وفقهه وتدبره وإعمال الفكر في حقيقته، والالتزام بتطبيقه عقيدة وسلوكا في الوجود. فلا تقوم حكمة على فكر مجرد عن العمل.
يقول الغزالي:« اعلم أن العقل لن يهتديَ إلا بالشرع، والشرع لم يُتبين إلا بالعقل ... فالعقل كالبصر والشرع كالشعاع ؛ ولن يُغنيَ البصرُ ما لم يكن شعاع من خارج، ولن يُغنيَ الشعاع ما لم يكن بصر ...
 الشرع عقل من خارج والعقل شرع من داخل؛ وهما متعاضدان بل متحدان ... قوله تعالى:﴿نور على نور أي نور العقل ونور الشرع؛ ثم قال ﴿ يهدي الله لنوره من يشاء ؛ فجعلهما نوراً واحداً » (21).
ويقول أيضا:« قوة العلم تتجلى في تمييز الحق من الباطل في الاعتقادات، وبين الجميل والقبيح في الأفعال، فإذا صلحت هذه القوة حصل منها ثمرة الحكمة، والحكمة رأس الأخلاق الحسنة، وهي التي قال الله فيها: ﴿ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ﴾ [ البقرة: 269] (22).
وحين تنقاد النفس لمنهج الله تعالى فإنها تنقاد إلى الحكمة. وما جوهر الإسلام إلاَّ الانقياد لذلك المنهج والالتزام به في القول والعمل.
 
رابعا : الحكمة : فكر وعمل، نظر وتطبيق
 
السنة كما رأينا وحي تم بيانه نظريا وتطبيقيا من قِبَل النبي صلى الله عليه وسلم؛ ليتأَسَّى به الخلق في معترك الحياة. وأطلق على السنة حكمة لأن القول فيها لا ينفك عن العمل، وإدراك المقاصد فيها لا يتحقق إلا حين تترجم الأقوال إلى أفعال وتكاليف. ومما ورد في ذم من لا ينتفع بعلمه قول الله تعالى في اليهود الذين تركوا العمل بالتوراة ولم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم:
﴿مثل الذين حُمِّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً بئس مَثَلُ القوم الذين كذَّبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين ﴾ [ الجمعة: 5 ]  والأسفار تُسفِر عن معانيها إذا قرئت. قول الرسول عليه السلام: «أشد الناس عذاباً يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه».
 وحامل العلم بدون عمل مثله ﴿كمثل الحمار يحمل أسفارا ، ويكفي هذا في ذم العالم الذي لا يعمل بعلمه. وفي حديث مُعاذ بن جبل أن العلم إمام العمل والعمل تابعُه. وعلم لا يُؤدي بصاحبه إلى خشية الله هو أقرب إلى الضلال. فالحكمة تتعلق بتطبيق أفعال التكليف.
وأهم معاني الحكمة المتداولة في كتب التراث أنها المعرفة بدين الله والفقه فيه والاتباع له، وهي التفكر في أمر الله والاتباع له، وثمرة ذلك طاعة الله، والإصابة في القول والعمل. فالاتباع هو الثابت في مفهوم الحكمة.
سئل الإمام مالك عن تفسير الراسخين في العلم فقال:« العامِلون بما علِموا المتبعون له ».
يقول الإمام الشافعي:« إن مَن أدرك علمَ أحكام الله في كتابه نصا واستدلالا، ووفقه للقول والعمل بما علِم فاز بالفضيلة في دينه ودنياه، وانتفت عنه الريَبُ، ونوَّرتْ في قلبه الحكمة، واستوجب في الدين موضع الإمامة » (23).
في كتاب الإيمان للبخاري في باب من قال إن الإيمان هو العمل؛ لقول الله تعالى:﴿وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون﴾ [ الأعراف:43]. وسئل البخاري عن الإيمان فقال: قول وعمل.
 ومذهب أهل الإسلام عامة أن الإيمان قول وعمل.
فالحكمة موافقة العلم للعمل أو اقتضاء العلم العمل بتعبير القدماء أي قيام التلازم بينهما باتباع منهج الله تعالى.[ اقتضاء العلم العمل، عنوان لكتاب الخطيب البغدادي (463هـ ) أتى فيه بكل الأحاديث والمأثورات التي تقرر حقيقة تلازم القول والفعل، العلم والعمل في التراث الإسلامي ].
والحكيم عند الله: العالم العامل، كما قال الزمخشري. 
 وعند الغزالي في (المقصد الأسنى)« مَن عرف جميع الأشياء ولم يعرف الله عز وجل لم يستحق أن يُسمى حكيما »(24). 
 وقال الراغب في (مفردات القرآن): «الحكمة من الإنسان معرفة الموجودات وفعل الخيرات. والحكيم من يتذكر دوما ما به صلاح دينه ودنياه فيعمل عليه». في (تعريفات الجرجاني): «الحكمة في اللغة العلم مع العمل» (25).
 والحكيم في الاستعمال العربي من جمع بين العلم والعمل. فلا يكون الحكيم حكيما إلا إذا جمع بين العلم والعمل. والشرف في العلم العمل به. فالعلم خادم العمل والعمل غاية العلم. وما العلم النافع إلا ما كان باعثا على العمل. والحكمة هي العلم بالأشياء على ما هي عليه والإتيان بالأفعال على ما ينبغي (26).
وأي فضل للعلماء إلا بالعمل ؟ ولولا العمل بالعلم ما كان للعلم معنى.
وعن فضل العلماء بالعلم إنما فُضل العلماء بالعمل، ولولا العمل به ما كان له معنى.
ومن التعريفات يلتقي فيها العلم بالعمل قول البيضاوي في تفسيره:«الحكمة في عرف العلماء استكمال النفس الإنسانية باقتباس العلوم النظرية، واكتساب الملكة التامة على الأفعال الفاضلة على قدر طاقتها » (27).
 والسعادة لا تُنال إلا بالحكمة، والحكمة تُطلَبُ لتُعلم ويُعمَل بها. فالقسم العملي هو عمل الخير والقسم العلمي هو علم الحق (28).
 وأحسن ما قيل في الحكمة قول الإمام مالك: الحكمة معرفة الحق والعمل به.
يقول ابن تيمية:« الحكمة هي معرفة الحق وقوله والعمل به» (29).  
 وعموما الحكمة إصابة الحق بالعلم والعمل. فهي تلتقي بالسنة إذ المراد بكل منهما الفقه في الدين والعمل به. والحكمة حين ترتبط بالفكر والسلوك تكون أقرب إلى الفقه أو إلى ما أسماه د. طه عبد الرحمن بالعقل العملي.
  ولا تنسجم حركة الحياة إذا انعدمت فيها موافقة القول للعمل. ولا يُغتر بحصول العلم ما لم يُضف إليه بذل الجهد في استعماله. وقد قيل: خير العلم ما هداك.
قال تعالى:﴿ يا أيها الذين آمنوا لِمََ تقولون ما لا تفعلون كبُرَ مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون [ الحشر: 2 – 3 ].
ويذهب الطبري إلى أن المراد بالحكمة في الآية:﴿يؤتي الحكمة من يشاء؛ يؤتي الإصابة من يشاء في القول والفعل مَن يشاء من عباده، ومن يؤت الإصابة في ذلك فقد أوتي خيرا كثيرا (30).
 والإصابة في الأمور إنما تكون عن فهم وعلم ومعرفة. لقول الرسول عليه السلام: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع »، من ضمنها « عن علمه ماذا عمل فيه».
   وبما أن السنة هي الضابطة لحركة الإنسان المسلم والموجهة لأخلاقه وسلوكه في الحياة؛ فإن جوهر الحكمة وثمرتها الأخلاق. فهذه الشريعة جاءت لتمم مكارم الأخلاق.
وكما وُصف الله تعالى بالحكمة لأنه أوجد الأشياء على غاية الإحكام حين أحكمها وأتقنها، ولم يدخل تدبيره خلل ولا زلل؛ وُصف القرآن بالحكمة لتضمنه إياها؛ فهو  ذو الحكمة الفاصلة بين الحق والباطل، وهو المحكم الذي لا اختلاف فيه ولا اضطراب، و هو مناط الحكمة في تأليفه ونظمه وإبانة الفوائد منه.
 وَوُصف الإنسان بالحكمة فقيل له حكيم أيضا؛ متى كان عالما صاحب حكمة وتدبير؛ يضع الأشياء في مواضعها.
وعموما نجد أن العلم موقوفٌ على العمل، وأن العلم يُراد للعمل، والعلم ما استعملك كما قيل، وبالعلم يصح لك العمل، وبالعلم تنال الحكمة، كما ورد في اقتضاء العلم العمل.
 
خامسا :  الحكمة سلوك وأخلاق
 
وإذا تقرر أن الحكمة هي السنة في جوانبها النظرية وتطبيقاتها العملية، وأنها  معرفة الحق والعمل به؛ فإن الحكمة تصبح ممارسة أخلاقية نابعة من الدين، تصبح تجربة حياتية للإنسان تتشكل منها هويته وحقيقته، أي أنها تكون  سلوكا تستقيم به حياة الإنسان وتسمو به في مجتمعه، سلوكا يحقق به إنسانيته وسعادته في الحال والمآل. و « الأخلاقية هي ما يكون به الإنسان إنسانا»، كما يقول د. طه في كتابه «سؤال الأخلاق» (31).
 وصاحب السنة بعثه الله تعالى ليتمم مكارم الأخلاق « إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق »، وكان خلقه القرآن، وجعل الله تعالى خلقه عظيما لاجتماع مكارم الأخلاق فيه؛ امتثالا لمنهج الله، واستمساكا بأوامره ونواهيه، وما يشتمل عليه من المكارم والمحاسن. وسمي نبينا محمد محمداً صلى الله عليه وسلم لكثرة خصاله المحمودة.
جاء في (كشف الظنون)، بعد أن أورد قول الرسول صلى الله عليه وسلم « بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق»، قوله:« ولهذا قيل إن الشريعة قد قضت الوطر عن أقسام الحكمة العملية على أكمل وجه وأتم تفصيل» (32).
 وقال النبي صلى الله عليه وسلم أن «سورة هود» قد شيبتْه وذلك لورود قول الله تعالى فيها ﴿فاستقم كما أمرت [ هود: 112 ]، وما الاستقامة إلا الإخلاص في العمل. ولهذا كان الدين كله في قوله تعالى: ﴿فاستقم كما أمرت.
وليس الدين إلا مكارم الأخلاق كما قال ابن أبي الدنيا في كتابه ( مكارم الأخلاق) (33). وما الخلق الحسن إلا ما صدر عن النفس من أفعال محمودة عقلا وشرعا، ولا نجاة للإنسان إلا بالعمل الصالح، وأن الأعمال الصالحة لا تصدر إلا بالأخلاق الحسنة، كما قال الإمام الغزالي (34).
ونجد من تعاريف الحكمة أن يفعل المرء من الخير ويلتزم بالحق ما تسعه قوته البشرية، وبذلك تتحقق كمالاته الإنسانية، ويتحقق صلاحه في حاله وآله. ومن هنا كانت الحكمة رأس الأخلاق الحسنة.
وإذا كانت الحكمة تتمثل في تطبيق أفعال التكليف على مقتضيات السنة  بخبرة وإتقان؛ فإن فضائل الأخلاق تتجلى في السلوك الإنساني؛ فيتم وضع كل شيء في موضعه. ويكاد تعريف الحكمة بوضع الشيء في موضعه يختزل كل معاني الحكمة؛ لما يحتاج إليه ذلك من الالتزام بالمنهج، والعلم به والتفقه فيه. فالحكيم من فقه أفضل ما ينبغي أن يُفقه بأفضل علم، ووضع كل شيء في موضعه.
والأخلاقية  عند د. طه عبد الرحمن ضرورة تقوم عليها الهوية الإنسانية  لدرجة أنه جعل حد الخليقة « أن تكون في آن واحد خَلقا ( بفتح الخاء ) وخُلقا ( بضم الخاء )» (35)؛ وكأن الأخلاق تتخلق مع الخليقة. وأعمال د. طه تنماز بتقديم رؤية متطورة  لقضية الأخلاق في أصولها الدينية وأبعادها الإنسانية وجوانبها الفلسفية.
 
سادسا : الحكمة إصابة في القول والعمل
 
الحكمة كل كلام وافق الحق، وتلك الإصابة في القول. وهي إصابة تكون عن فهم بها وعلم ومعرفة؛ فتكون مأخوذة من الحُكم وفصل القضاء. فالحكمة الصواب.
 « ولا يكون الكلام حكمة حتى يكون موصلا إلى الغايات المحمودة والمطالب النافعة؛ فيكون مرشدا إلى العلم النافع والعمل الصالح فتحصل الغاية المطلوبة » (36).
قول الرسول صلى الله عليه وسلم « إ ن من الشعر حكمة»، كما في (صحيح البخاري) فيه بيان لفضيلة الشعر، وإشارة إلى المحمود منه مما تندرج الحكمة تحته وتقتضيه مصلحة الدين.
 وتطلق  الحكمة على الأدب الجامع لكل خير. وأدب الحكمة وجد في التراث العربي منذ العهد الجاهلي وترسخ في تاريخ الثقافة الإسلامية انطلاقا من الحديث الشريف إن من الشعر لحكمة ( وهو قول جاء بروايات مختلفة).
 يقول الأعشى :
      وغريبةٍ، تأتي الملوكَ، حكيمةٍ      قد قلتُها ليُقال، مَن ذا قالهَا ؟
أي ورب قصيدة غريبة حكيمة ناطقة بالحكمة دالة عليها، قد قلتها ليتعجب الناس من بلاغة قائلها (37).
وأصبح أدب الحكمة على امتداد التاريخ الأدبي جنسا أدبيا قائم الذات إلى جانب أدب الأمثال. والكلمة الحكمة شاملة للنظم والنثر لعموم اللفظ. وتطلق على الكلام الذي لا يتطرق إليه الفساد والحشو. وقيل إن لقمان وصف بالحكيم لأن الله تعالى آتاه الإصابة في القول من غير نبوة.
 
سابعا :  الحكمة  والفلسفة
 
أطلق لفظ حكيم على من يتعاطى علم الكيمياء والتنجيم وعلى الطبيب والشاعر وعلى الفيلسوف، حين وجد أن لفظة  فيلسوف تعني محب الحكمة؛ وكانت هذه الإطلاقات مما تولد في لغة العرب في فترات من تاريخهم.
ومن ثم فقد أطلقت لفظة حكمة على الفلسفة، وعلى علوم الأوائل منذ نهاية القرن الهجري الثاني وأوائل القرن الثالث؛ عند تأسيس بين الحكمة حين « قامت  دولة الحكمة في عصر المامون، فأتقن جماعة من ذوي الفهم في أيامه كثيراً من الفلسفة »، كما قال صاحب (كشف الظنون) (38).
 ومما قيل في تعريف الحكمة إنها علم يُبحث فيه عن حقائق الأشياء على ما هي عليه في الوجود بقدر الطاقة البشرية.
وتم تقسيم العلوم إلى نظرية أي ما يحصل منها بالنظر من غير تعلق بكيفية العمل، وعملية تتعلق بكيفية العمل وتؤدي إلى صلاح المعاش والمعاد (39).
 وذكر الغزالي في (إحياء علوم الدين)أن استعمال الحكمة بمعنى الفلسفة كان من الألفاظ التي صُرفت عن مقتضى ظواهرها وتم تحريفها عن مرادها؛ بغير اعتصام من دليل العقل. فالحكمة عنده هي التي أثنى الله عز وجل عليها في قوله تعالى:﴿يؤتي الحكمة من يشاء، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: كلمة من الحكمة يتعلمها الرجل خير من الدنيا وما فيها ...  فانظر ما الذي كانت الحكمة عبارة عنه وإلى ماذا نُقل ؟! (40).
 ومن أسباب استبعاد الحكمة، بالمفهوم المشار إليه، عن الفلسفة عند كثير من أهل الفكر في تاريخ الإسلام، نذكر ما يلي: أنهم وجدوا أهل الفلسفة قد اختلفوا في شأنها:
أولا : هناك من جعل غاية الشريعة والفلسفة واحدة ، كابن حزم، حين يقول:« الفلسفة – على الحقيقة – إنما معناها وثمرتها والغرض المقصود نحوه بتعليمها ليس هو شيئا غير إصلاح النفس؛ بأن تستعمل في دنياها الفضائل وحسن السيرة المُؤدية إلى سلامتها في المعاد، وحسن السياسة للمنزل والرعية، وهذا نفسه لا غيره هو غرض الشريعة»(41). وقال محمد بن علي الشوكاني: «العلم بالفلسفة لا ينافي الشرع بل يزيده رسوخا » (42).
ثانيا : أن أهل الفلسفة قد فصلوا بين الحكمة والشريعة .
ثالثا: ادِّعاءُ بعضهم أن المقصود بالشريعة لا يُفهم إلا بالحكمة.
رابعا: توقَّفّ كثير منهم عند النظر في الموجودات على الإطلاق؛ فاستغرقهم التفلسف عن التدبر في الشرع. ولوحظ أنه حتى في مجالس الفلاسفة الوعظية لا تجد فيها لفظ قال الله ولا قال رسول الله (43).
خامسا: وقوفُهم عند العلم المجرد عن العمل  يقول الغزالي في رسالته ( أيها الولد ):«كان طالب العلم الرسمي مُشتغلا في فضل النفس ومناقب الدنيا؛ فإنه يحسب أن العلم المجرد  له سيكون نجاتُه وخلاصُه فيه، وأنه مُستَغْنٍ عن العمل، وهذا اعتقاد الفلاسفة. سبحان الله العظيم ! لا يعلم هذا القُدْرَ أنه حين حصَّلَ العلمَ إذا لم يعمل به تكون الحجة عليه آكد  ...
وتَيَقَّنْ أن العلمَ المُجرَّدَ لا يأخذُ باليد »(44).
 ويقول ابن تيمية :
« ما ذكره المتفلسفة من الحكمة العملية ليس فيها من الأعمال ما تسعَدُ به النفوس وتنجو من العذاب، كما أن ما ذكروه من الحكمة النظرية ليس فيها الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر؛ فليس عندهم من العلم ما تهتدي به النفوس، ولا من الأخلاق ما هو دين حق» (45).
 فهو يرى أن العلم المجرد ليس كمالا، والمتفلسفة لا يعرفون – في نظره -  من صلاح النفس وكمالَها من العلم والعمل ما تنجو به من الشقاء فضلا عما تسعَد به(46).
ولاحظ أبو إسحاق الشاطبي أيضا (790 هـ ) أن نظر الفلاسفة  ليس تحته عمل (47).
سادسا: والفلاسفة كما يقول الذهبي (748هـ) « تمر مع خواطرها لا يزعها شرع » (48).
 والحكمة إصابة  الحق بالعلم والعمل؛ إذ « العلم بلا عمل جنون، والعمل بغير علم لا يكون»، كما يقول الغزالي (49). والشريعة هيأت الحكمة العملية التي بُعث الرسول من أجلها: تمام مكارم الأخلاق وتمام محاسن الأفعال.
وذهب ابن الأكفاني(749هـ) في ( إرشاد القاصد إلى أسمى المقاصد ) إلى أن العلم بحقائق الأشياء على ما هي عليه، غايتُه أن يُعتقَد الحق ويُفعَل الخير؛ لأن كمال النفوس البشرية لا يتحقق إلا به، في قواها النظرية والعملية؛ إذ كان ذلك هو الوسيلة إلى السعادة الأبدية» (50).
سئل ابن الأعرابي عن معنى كلمة رباني فقال:«إذا كان الرجل عالماً عاملاً مُعلِّماً، قيل له: هذا رباني؛ فإن حُرِم من خصلة منها لم نقل له: رباني» (51).
وخلاصة القول أن معاني الحكمة ترتبط في مجملها، في المجال التداولي الإسلامي، بالقدرة على التحكم في هوى النفس؛ تطبيقا لمنهج السنة والتزاما بمقتضاه، تحكم يسنده علم وتعقل وتفقه بالمنهج، وفيه وإتقان يُكسب صاحبه خبرة وإصابة في القول والعمل. وبذلك تسمو النفس في مراقي الكمال الإنساني، وتتحقق فيها مكارم الأخلاق.
فالحكمة حين تكون موصولة بالوحي، وحين تكون صادرة عن تطبيق منهج الله تعالى تلتقي بكل معاني العلم والعقل والفقه والفكر والنظر والتدبر الخبرة والإتقان والالتزام بالخلق السوي.
والحكمة أن تحتكم النفس والعقل والعلم إلى ما ينفع الإنسان ويُحقق إنسانيته.
 
 
خاتمة : منتدى الحكمة : المقاصد والغايات
 
ما الغاية من الحكمة في منتدى الحكمة هذا؟ وماذا يعني إنشاء منتدى للحكمة في هذا الظرف بالذات؟ وما هو الدور الذي يمكن للمنتدى أن يضطلع به؟
 لعله الإحساس بأن زماننا هذا افتقدت فيه الحَكَمة والعِقال، وجمحت فيه الأهواء وتحررت الشهوات، وتوارت فيه القيم والأخلاقيات، فبدأن الهوية الإنسانية تفتقد مقوماتها بضياع أخلاقياتها. و « هوية الكائن البشري تتحدد أصلا بأخلاقيته » كما يقول د. طه عبد الرحمن(52).
ارتباط الحكمة بهذا المنتدى يقتضي الدعوة إلى وجوب الأخلاقية في حركية العالم المعاصر وهو يعيش لحظة تدهور وتهالك واسترقاق وفوضى؛ لحظة تنعدم فيها ضوابط الحكمة والأخلاق وتتراجع فيها إنسانية الإنسان. 
حاجة المرحلة إلى حكمة وتبصر وتدبر وانضباط بالمنهج وإلجام للأهواء الجامحة وما يعرفه العالم المعاصر من تسيب. فزماننا هذا التبس فيه الحق بالباطل، وشاع فيه الانقطاع عن القيم الأخلاقية، وكثر فيه انقطاع العلم عن الأخلاق، وانفصل فيه القول عن العمل.
في زمن ارتهنا فيه لغيرنا، وأصبحنا لا نلهج فيه بغير تقليد غيرنا؛ يطمح منتدى الحكمة، ومن خلاله مجموعة من أساتذة المغرب في هذه المرحلة من التاريخ  المعاصر، أن  يشارك بالنظر في أوضاعنا الفكرية والعلمية، وفي صيانة القيم الرفيعة في المجتمع، ويعمل على أن يستعيد المجتمع الإنساني عامة معاني الحكمة في مواقفه وتوجهاته؛ وذلك  من خلال ندواته ومنشوراته وكتابات أعضائه.
 ومن أجل بلورة ماهية الحكمة في أبعادها العلمية والعقلية والأخلاقية، تُناط بالمنتدى مراجعة كثير من المفاهيم التي تتحكم في الفكر الإنساني المعاصر، والسعي إلى تأصيلها وتقديم رؤية جديدة لفكر أكاديمي يراعي حقيقة الوضع الحالي، ويعمل من أجل الخروج من نفَق التقليد والتبعية، والعمل على تعميق القيم الإنسانية بمنهجية جديدة، مع البحث عن وسائل للنهوض بواقع العالم الإسلامي.
 يُناط بالمنتدى خلق فضاء فكري حر يسعى إلى تقديم البديل، بتقديم رؤية علمية جامعية، تفتح مجالات للحوار، ومجالات للاجتهاد. وهذا يضمن مشاركة الأستاذ الجامعي في معترك العصر بالتحليل والفهم والدعوة إلى العلم النافع والعمل الصالح ، وإشاعة الأخلاق الحميدة.
وتأصيل ماهية الحكمة يستدعي التساؤل عن القيم التي يمكن أن نحتكم إليها، أي عن المرجعية التي نلتزم بها في معترك العصر. وقد انكشفت اليوم مهزلة التجربة الإنسانية حين احتكم أهل العصر إلى القطبية الواحدة بشراستها وتسلطها وتسيبها في إدارة شؤون أهل الدنيا بدون حَكَمة.
 
 
 [محاضرة ألقيت بمنتدى الحكمة للمفكرين والباحثين، خلال الندوة الأولى التي كان عنوانها: نحن والتحديات الفكرية، وذلك بتاريخ الأربعاء 29 مايو 2002م، وقد تم تأسيس المنتدى بإشراف د. طه عبد الرحمن بتاريخ 25 ذي الحجة 1423هـ موافق 9 مارس 2002م].
 
 الهوامش:
 
(1) في مقاييس اللغة لأحمد بن فارس (395هـ): الحاء والكاف والميم أصل واحد وهو المنع  [ حكم ]- وفي مفردات القرآن للراغب الأصفهاني: حَكَم أصله منَع منْعاً لإصلاح، ومنه سُميتْ اللجام حَكَمَة الدابة [حكم] – والقَدْعُ: الكفُّ والمَنْعُ: قَدَعْتُ فرسي: كبَحْتُه وكفَفْتُه [ اللسان: قدع].
(2) غريب الحديث: ابن الأثير (606هـ): 1/ 420 – وفي شعب الإيمان للبيهقي عن أبي هريرة قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ما من آدمي إلا وفي رأسه حَكمَة. الحَكمَة بيد ملَك؛ فإن تواضع قيل للملك ارفع حكمَتَه، وإن ارتفع قيل للملك ضع حكمته: 6/277
(3) شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم: تح. د. حسين بن عبد الله العمري – مطهر بن علي الإدياني – د. يوسف محمد عبد الله – ط1[ دمشق، دار الفكر،1999]:3/1539
(4) الفائق في غريب الحديث: الزمخشري (538هـ)، تحقيق: علي محمد البجاوي – محمد أبو الفضل إبراهيم – ط2 [ لبنان، دار المعرفة، د.ت ]: 1/302
(5) الجامع لأحكام القرآن: القرطبي ( محمد بن أحمد) – ط1 [ بيروت، دار الكتب العلمية، 1988م]: 1/198 – والمحكم من القرآن هو القائم بنفسه لا يفتقر إلى استدلال: شمس العلوم:3/1537
 (6) سؤال الأخلاق، مساهمة في النقد الأخلاقي للحداثة الغربية: د. طه عبد الرحمن - ط1 [ بيروت، المركز الثقافي العربي، 2000 ]، ص14
(7) تفسير القرطبي، المجلد الخامس، ج10، ص186
(8) الكشاف: الزمخشري ( محمود بن عمر538هـ)، تح. عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض ط1 [ الرياض، مكتبة العبيكان، 1998]:3/529 - 530
 (9) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز: ابن عطية ( عبد الحق بن غالب 546هـ)، تح. عبد السلام عبد الشافي محمد – ط1 [ بيروت، دار الكتب العلمية، 1993]: 3/469 – 470
(10) محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء: الراغب الأصفهاني ( الحسين بن محمد 502هـ)، تح. د. رياض عبد الحميد مراد – ط1 [ بيروت، دار صادر، 2004م] : 1/17
(11)نفسه: 1/18
(12)نفسه: 1/18
  (13) إحياء علوم الدين: الغزالي ( محمد بن محمد 505هـ) – ط2 [ دار الكتب العلمية، 1992م]: 1/7  - وورد في حلية الأولياء لأبي نعيم (434هـ): الشهوة والهوى يغلبان العلم والعقل والبيان، وقيل إن الملائكة لم تبتلَ بهوى يحارب عقولهم ومعارفهم ويصرفهم عن العبادة والطاعة: 6/224
 (14)  يراد بالحكمة  في هذه الآيات على الأعم الأشهر السنة النبوية وبيان الشريعة، كما تقرر عند الأئمة وأهل التفسير ينظر: مدارج السالكين: 2/78- قال قتادة: الحكمة السنة وبيان الشرائع. وشرح الإمام البخاري في صحيحه الحكمة بالسنة.
(15)الأم: الشافعي (204هـ) - ط2 [ بيروت، دار المعرفة، د. ط ]: 5/127 – جاء في كتابه الرسالة:«فمَن قبِل عن رسول الله فَبِفَرْضِِ اللهِ قَبِلَ »، ص22
 (16)كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في التفسير، تحقيق: عبد الرحمن محمد قاسم النجدي، مكتبة ابن تيمية: 7/40
(17)  إحياء علوم الدين: 3/54
 (18)معارج القدس: الغزالي، ص 6
 (19) الفوائد: ابن قيم الجوزية (751هـ) – ط2 [ بيروت، دار الكتب العلمية، 1973]، ص 108
(20) بيّن د.  طه عبد الرحمن فساد القول بتقييد العقلانية في التراث الإسلامي في كتابه فقه الفلسفة – 2 - القول الفلسفي، كتاب المفهوم والتأثيل، ص181 –  182 
(21) معارج القدس: الغزالي، ص 57 – 58
(22) إحياء علوم الدين: 3/43
(23)  الرسالة: الشافعي (204هـ)، تح. أحمد محمد شاكر- ط1 [ القاهرة، 1939 ]، ص 19 
(24) المقصد الأسنى: الغزالي، تح. بسام عبد الوهاب الحابي - ط1 [ قبرص، الجفان والجابي، 1987]، ص 55
(25)كتاب التعريفات للجرجاني (816هـ)، تح. إبراهيم الأبياري – ط1 [ بيروت، دار الكتاب العربي، 1965]، ص123- وفي حلية الأولياء لأبي نعيم (430هـ)  عن  يونس بن ميسرة، قالت الحكمة: يا ابن آدم تلتمسني وأنت تجدني في حرفين: تعمل بخير ما تعلم، وتدع شر ما تعلم: 5/251 - يقول الراغب الأصبهاني (502 هـ ) في تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين: «العبادة ضربان: علم وعمل، وحقهما أن يتلازما؛ لأن العلم كالأُسِّ والعملَ كالبناء، وكما لن يُغنيَ أُسّ ما لم يكن بناء، ولا يَثبُتُ بناءٌ ما لم يكن أُسٌّ، كذلك لا يُغني علمٌ بغير عمل ولا عملَ بغير علم »، ص159
 (26) كتاب المواقف: عضد الدين الإيجي (756هـ)، تح. عبد الرحمن عميرة – ط1 [ بيروت، دار الجيل، 1997]: 3/23
 (27)  تفسير البيضاوي (685هـ): 4/346
 (28) الملل والنحل: الشهرستاني (548هـ)، تح. محمد سيد كيلاني – ط1 [ بيروت، دار المعرفة، 1404هـ]: 2/59 – والعالم الذي لا يعمل بعلمه يصير – كما يقول ابن الجوزي ­­(597هـ ) -  كمثل رجل جمع الطعام وأطعم الجياع ولم يأكل فلم ينفعه ذلك في جوعه: تلبيس إبليس، ص 116
(29)  كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في التفسير: 2/5
(30) تفسير الطبري (310هـ) – ط1 [ بيروت، دار الفكر، 1405هـ ]؟
 (31) سؤال الأخلاق، ص 14 - ولاحظ  د. طه  أن المعرفة الحديثة فصلت بين القول والفعل فخلت منهجيتها بشروط الصدق، ص 94
(32) كشف الظنون: الحاج خليفة (1067هـ) - [ بيروت، دار الكتب العلمية، 1992]: 1/11
(33) مكارم الأخلاق: ابن أبي الدنيا ( عبد الله بن محمد: 281هـ)،ص 30
(34) إحياء علوم: 3/64 
(35)سؤال الأخلاق، ص54
(36) شفاء العلل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل: ابن القيم الجوزية، تح. محمد بدر الدين أبو فراس الغساني الحلبي–  ط1 [ بيروت، دار الفكر، 1978]: 1/190
(37) ديوان الأعشى، ص 7 
(38) كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون:  1/35
(39)نفسه:1/11
(40) الإحياء: 1/38، 46 – ورد في تفسير القرطبي قول بعض الحكماء: من أُعطيَ العلم والقرآن ينبغي أن يعرف نفسه ولا يتواضع لأهل الدنيا لأجل دنياهم؛ فإنما أعطي أفضل ما أعطي أصحاب الدنيا؛ لأن الله تعالى سمى الدنيا متاعا قليلا ﴿قل متاع الدنيا قليل، وسمى العلم والقرآن خيراً كثيراً. قيل: كيف الجمع بين هذه الآية وقوله ﴿وما أتيتم من العلم إلا قليلا ، الجواب أن ما أوتيه الناس من العلم وإن كان كثيرا فهو بالإضافة إلى علم الله قليل.
(41) الفصل في الملل والنحل: 4/112
(42) في أدب الطلب: الشوكاني، ص 17
(43) معجم البلدان: ياقوت الحموي (626هـ) – د.ط [ بيروت، دار الفكر، د.تـ ]: 3/377
(44)  أيها الولد: الغزالي، تح. علي محيي الدين على القره داغي – ط2 [ القاهرة، دار الاعتصام، 1985 ]، ص94 – 95 – في: تهافت الفلاسفة وجد أنهم« قد رفضوا وظائف الإسلام من العبادات، واستحقروا شعائر الدين من وظائف الصلوات والتوقي من المحظورات، واستهانوا بتعبدات الشرع وحدوده، ولم يقفوا عند توقيفاته وقيوده، بل خلعوا بالكلية ربقة الدين بفنون من الظنون يتبعون فيها رهطا يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون ...  »[ص38].
 (45) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح: ابن تيمية (728هـ)، تح. د. علي حسن ناصر – عبد العزيز إبراهيم العسكر – د. حمدان أحمد – ط1 [ الرياض، دار العاصمة، 1414هـ]: 6/32
(46) نفسه: 6/37
(47) الموافقات في أصول الشريعة: الشاطبي (790هـ)، تحقيق عبد الله دراز – ط1 [ بيروت، دار المعرفة ]: 1/52
(48) سير أعلام النبلاء: الذهبي (748هـ)، تح. شعيب الأرناؤوط ومحمد معين العرقسوسي - ط9 [ بيروت، مؤسسة الرسالة ، 1413هـ]: 19/341
(49) أيها الولد: الغزالي،ص 108
(50) إرشاد القاصد إلى أسمى المقاصد: ابن الأكفاني(749هـ)، اعتنى بضبطه: حسن غبجي ط1 [ جدة، دار القبلة للثقافة الإسلامية، 1964 ]، ص 21 
 (51) مفتاح دارالسعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة: ابن قيم الجوزية، تح. حسان عبد المنان الطيبي – عصام فارس الحرستاني – ط1 [ بيروت، دار الجيل، 1994 ]: 1/405
(52) الحق العربي في الاختلاف الفلسفي – ط1 [ بيروت، المركز الثقافي العربي، 2002 ]،ص 174 – 175

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق