السبت، 29 أغسطس 2015

مكانة العلماء في ظل الأشراف العلويين




  
بقلم: عبد الرحمان المتـقي   
عضو المجلس العلمي بوارزازات

 تمهيد:
        
                         أمة نطق كتابها أول ما نطق بقوله:﴿اقرأ، لا يمكن إلا أن تجل كل قارئ. أمة تتلو صباح مساء ـ ومنذ خمسة عشر قرنا ـ قول رب العزة﴿ هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون﴾، لا يمكن إلا أن ترفع الذين أوتوا العلم درجات. أمة يقول كتابها:﴿إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ، و يشير آمرا: ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾؛  تجد أن استفتاء علمائها في أمورها واجب، و إذعانها لما أشاروا به مستوحين كتاب الله أو مستشفين مقاصد الشريعة طاعة. ومن هنا، المكانة العلية للعلماء في ظل الدولة الإسلامية. من هنا تلك المواقف المشهودة التي يتحفنا بها التاريخ لملوك العالم الإسلامي و قادته الذين اختاروا الخضوع لأمر الله بسؤال أهل الذكر، وانقادوا لما أشار به العلماء الأشاوس ـ ولو عارض أحيانا مرادهم البشري العارض ـ ففازوا بحسنى الدارين، وللعلماء الأعلام الذين جعلوا كتاب الله هاديهم، وأخلصوا التوجيه والنصح لله ولمن أمروا بمحضهم النصح، فقاموا بواجبهم الشرعي على الوجه الأكمل، مع مراعاة المآل و المصالح المرسلة، يبتغون فضلا من الله  ورضوانا. وهم بحمد الله كُثْر في أمة قال نبيها الكريم:« يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها» مما يفيد دوام العلم و العلماء ما تعاقب الحدثان وتوالت الأزمان كما يعلق الأستاذ الفقيه عبد الكبير العلوي المدغري.
                        ولكل مهتم أن يتصفح كتب التاريخ، فهي حافلة بالمواقف النيرة من الطرفين. ولأن الحيز الزمني المخصص لا يسمح باستعراض أمثلة تاريخية مفصلة، فسنكتفي بالإشارة إلى أن زيد بن ثابت رضي الله عنه ركب يوما، فأخذ ابن عباس رضي الله عنه بركابه ـ وهو من هو ـ فقال له زيد: خل عنك يا ابن عم رسول الله! قالها تقديرا للعترة النبوية الشريفة، فقال ابن عباس: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا. فقبَّل زيد رأسه، و قال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا. ويكفينا هذا دليلا على مكانة العلماء في فجر الدولة الإسلامية، وعلى الود المتبادل بين علماء الأمة و قادتها، خاصة إذا كانوا من آل البيت النبوي الشريف. ولئن كانت العلاقة بين الطرفين علاقة بشرية، فإن المتفق عليه بين المؤرخين هو أن مكانة العلماء كانت في الغالب عالية في ظل الدولة الإسلامية، و أنها تزداد رفعة وسموا كلما كان رأس الهرم في السلطة من المتعلمين، أو من الفقهاء المتمكنين، كما هو الشأن مع الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، و مع عمر بن عبد العزيز، بل ومع رشيد بغداد الذي تحدثنا كتب التاريخ أنه كان يذعن أمام العلماء، بل ويبكي أحيانا أمام الرأي الشرعي متى قذفه في وجهه هذا العالم أو ذاك (تراجع قصته مع سفيان الثوري).
              وسيكون بإمكاننا أن نجزم أن مكانة العلماء في ظل الأشراف العلويين بالمغرب  لم ولن تخرج عن النموذج المشار إليه أعلاه، مع مراعاة الخصوصية المغربية، وأن العلاقة بين ملوكنا الأشراف و فقهائنا الأعلام كانت في الغالب دافئة كما سنبين. غير أننا قيدنا الموضوع بفجر الدولة العلوية الشريفة، فلزم والحالة هذه أن يقتصر كلامنا من سلسلة الأشراف على الإخوة الثلاثة: المولى محمد والمولى الرشيد والمولى إسماعيل، وأن نحصر العلماء ممن عاصر الأشراف المذكورين في نموذجين: الشيخ محمد بن ناصر الدرعي الأغلاني، وخاصة الشيخ الحسن بن مسعود اليوسي. وربما عرضنا لبعض من عاصر هؤلاء الملوك الأوائل  استشهادا و تمثيلا. فأما الأول فكان بمنأى عن عاصمة الدولة الوليدة، و لكنه كان قطب زاوية علم و تصوف وازنة بدرعة، وهي منطقة كانت عصرئذ مسرحا لصراعات قوى متجاذبة في مرحلة تاريخية حاسمة، وطبيعي أن تنال الزاوية حظها من لحظ مختلف القوى باختلاف رؤيتها إليها. وأما الثاني وهو تلميذه الذي التحق به يافعا وتوثقت علاقته به، فقد كان قرب العين و دار الخلافة بفاس أو مكناس أو غيرهما، فكان يرتوي بمائها حينا، وربما اكتوى ببعض نيرانها أحيانا.
              وبالنظر إلى الإرث التاريخي لهيئة العلماء في ظل الدولة الإسلامية، فقد استن العلماء المغاربة في الغالب لأنفسهم سننا تحترم في علاقاتهم بعامة الناس و خاصتهم ـ وهم يعلمون قطعا أنها علاقة شرعية لها ضوابطها ـ فاضطلعوا بمسؤولياتهم على الوجه المطلوب، مستوحين شرع الله و تاريخ مؤسستهم، متسلحين بكتاب الله و سنة رسوله.
            يقول الأستاذ العلوي المدغري منوّها بأهم مزية طبعت شخصية اليوسي:« ن أول شروط العلم، وأنبل صفات العلماء؛ الجهر بالحق، والتزام الصراحة، والصدق وإخلاص النصيحة لعامة المسلمين وخاصتهم (...) ومن شاء فليقرأ رسائله إلى المولى إسماعيل، وليقرأ فتاويه و سائر آثاره، فسيرى من الصراحة، وشجاعة القلب، و ثبات العقيدة ما يثبت فؤاده[1].
أولا: العلاقة بين مؤسسة السلطان و المؤسسة العلمية:
            وسنلجأ إن شاء الله إلى أهل الاختصاص من المؤرخين قدامى و محدثين، فنصغي إليهم وهم يحدثوننا عن مواقف الملوك العلويين المذكورين من العلم والعلماء.
                 يقول اليوسي في رسالته إلى المولى إسماعيل:« م إن الملوك لم يزالوا مختلفين فيما ذكرنا حسب اختلافهم في حب العلم و أهله و الرغبة فيه (...) م يزل العلماء يترحمون على من أحيا الله العلم على يديه».  
               ويقول الأستاذ أحمد عمالك:« ممّا يدل على حضور المخزن بدرعة و التجاوب الذي وقع بين السلطان و شيخ الناصريين الذي أصبح يسدي النصح إليه. بل إن ذلك صار بالنسبة لمحمد بن ناصر من قبيل التحدث بالنعم، فقال في رسالة إلى تلميذه عبد الملك التجموعتي: من حسنات أمير المؤمنين سدده الله، وهي تولية قضاء درعة سيدي محمد بن علي الدادسي»[2].
             كما نجده يرحب في بعض رسائله بقدوم السلطان المولى الرشيد إلى درعة، و يبدي انصياعه لأوامره، و يقدم فروض الطاعة، ثم يسدي إليه النصائح[3].
              أما الفقيه اليوسي فنجده يستعرض حالة العلم و العلماء على عهد الأشراف العلويين الذين عاصرهم، فيقول:« ثم جاء المولى محمد بن الشريف (...) فأحيا العلم في بلده وأعطى الفقهاء و أكرمهم وخالطهم، وحرر أهل البلاد للقراءة في القصبة، فأقام لهم بذلك التحرير مقام العطاء، وتسارعوا حتى إن الرجل المسن من أهل سجلماسة يكتب الجرومية في لوحة يقرأها. وكثرت لمجالس، و كنا هنالك، حتى إن أكثر الأيام لا نذوق طعاما إلا مع الاسفرار لانشغالنا بطلب العلم، وتقلبنا في المجالس طول النهار(...)
       ثم جاء المولى رشيد بن الشريف، فأعلى مناره، وأوضح نهاره، وأكرم العلماء إكراما لم يعهد، وأعطاهم ما لا يعد ـ لا سيما بمدينة فاس ـ فضح من قبله، و أتعب من بعده، و لو طالت مدته لجاءته علماء كل بلدة»[4].                        
          ويقول الناصري عن المولى الرشيد أنه كان:« محبا في جانب العلماء، موثرا لأغراضهم، مولعا بمجالستهم، محسنا إليهم حيث كانوا. و من نوادره معهم ما حكي أن العلامة أبا عبد الله محمد المرابط الدلائي حضر يوما بمجلس السلطان المذكور، وذلك بعد الإيقاع بزاويتهم وتغريبهم إلى فاس، فأنشد السلطان معرضا بالفقيه المذكور قول أبي الطيب المتنبي:
                   ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى     عـدوا لـه ما مـن صداقـتـه بد.                   
              ففهم أبو عبد الله المرابط إشارته، فقال: أيد الله أمير المؤمنين، إن من سعادة المرء أن يكون خصمه عاقلا. فاستحسن الحاضرون حسن بديهته ولطف منزعه»[5].
              ومن تواضع المولى الرشيد رحمه الله مع أهل العلم ما حكاه الضُّعَيِّف الربا طي. قال:« إن مولانا الرشيد استدعى ذات يوم أحد الفقهاء ليقرأ عليه، فامتنع ذلك الفقيه، و قال كما قال الإمام مالك رضي الله عنه: العلم يُؤتى ولا يَأتي... فلما رجع الرسول إلى مولانا الرشيد، وأخبره بقول الفقيه وامتناعه، قال: صدق! فكان مولانا الرشيد يذهب لداره فيقرأ عليه»[6]. الشيء الذي يكشف حرص المولى الرشيد على طلب العلم و حرمته لديه. ويضيف الضُّعَيِّف:« ثم دخل (م. رشيد) المدرسة المصباحية، فتعرض له أبو علي اليوسي مع فقيه آخر، فأعطى لكل واحد منهما مائة مثقال. و ما اجتمع مع علماء وقته إلا و حضر في مجلس اجتماعه معهم على نشر العلم و بثه  وإتقانه و تحقيقه و تعظيم طلبته، فأقبل الناس على التعلم و التعليم، وعمرت أسواق العلم بعد ما عفت من قديم»[7].  
                 وقد ذكر صاحب ( نشر المثاني) أنه كان يحضر مجلس الشيخ اليوسي بالقرويين[8]. ويعلق الناصري:« وهذه لعمري منقبة فخيمة و مأثرة جسيمة. فرحم الله تلك الهمم التي تعرف للعلم حقه، و تقدره قدره. ثم بعد ذلك، ينقل عن اليفرني قوله: و في أيامه كثر العلم و اعتز أهله، وظهرت عليهم أبهته»[9].
                 أما الأستاذة فاطمة خليل القبلي فتقول:« ولقد قامت بين اليوسي والمولى الرشيد علاقة تتسم بالاحترام والولاء من طرف اليوسي، والإكرام والإجلال من طرف المولى الرشيد. نقله هذا الأخير إلى فاس للتدريس، فأقبل عليه اليوسي بنية صالحة(...)
  وكان [المولى الرشيد] يحب العلماء ومجالسهم، ويكرمهم و يعظمهم، ويكرم اليوسي كواحد منهم، له منزلة خاصة عنده. اقترح عليه القضاء والفتوى فرفض اليوسي ذلك فسكت عنه الرشيد (...) ولم يتخل اليوسي عن وفائه للزاوية الدلائية، ورثاها بقصيدة سارت بها الركبان دون أن يلحقه الرشيد بسوء، بل احترم فيه هذا الوفاء، ولم يخالجه شك في حسن طوية العالم (...) فيظهر جليا [والحالة هذه] أن اليوسي والطبقة المتنورة من العلماء والفقهاء في عصر الرشيد كانوا على درجة عليا من الحرية في اتخاذ مواقفهم»[10].
         أما على عهد المولى إسماعيل، فإن العلاقة صارت أوثق وأبين وأدق.
              يقول الأستاذ المدغري تعليقا على رسالة من الفقيه اليوسي إلى المولى إسماعيل:« وهذه الرسالة كما نرى ذات أهمية كبيرة من وجوه (...)؛[منها]علو همة المولى إسماعيل وسمو أخلاقه الملوكية، و حرصه على سماع النصيحة الصادقة. وهذا دأبه مع سائر العلماء. نعم، إن صراحة اليوسي سببت له في شيء من الإزعاج و التغريب. وكان وراء ذلك حاشية السلطان (...) ولكن اليوسي بقي محفوظ المكانة عند السلطان، و بقي هو وفيا مخلصا له، صامدا في مواقفه القائمة على ما يجب للسلطان شرعا من النصيحة والصدق، والطاعة والإخلاص»[11].
             ولنا تعليق على هذه الرسالة وغيرها مما سبق ذكره من المواقف: فعلى الرغم مما أبداه الشيخ اليوسي وبحرص شديد في كل رسائله من فروض الطاعة والولاء والإذعان للسلطان، وما عبر عنه من التسليم لكل ما يقوله السلطان أو يفعله به، نتساءل: هل كان يجرؤ هو أو غيره على مخاطبة ملوك زمانه بما خاطبهم به لو لم يكن مطمئنا على وجود تعاقد بين السلطان والعلماء، يقبل بموجبه الأول ما جاء به الأواخر ما دام له وجهه الشرعي، ومهما كان طعمه؟ هل كان يفعل لو لم يكن متأكدا من وجود أذن واعية لدى المخاطب تلتقط درر الشريعة و يواقيت السنة؟ وهل كان ممكنا أن يكون أبين لو لم يكن واثقا أنه يخاطب ذهنا متفقها عالما بحدود الشريعة ودروب السنة، يلتمس الصواب مهما كان طريقه شائكا و يطلبه؟
              إن المولى إسماعيل كان فقيها متبصرا، وعالما مجتهدا، و كثيرا ما كان يحرص على معرفة آراء العلماء في ما كان يقوم به، وكان يستفتيهم في العديد من النوازل.
               يقول الفقيه المدغري:«والفتوى ابتلاء وامتحان لاسيما إذا كان العالم في عصر ملوكُه متعلقون بأحكام الشريعة، متطلعون إلى رأي العلماء في كل صغيرة و كبيرة مثل عصر اليوسي الذي اشتهر فيه السلطان المولى إسماعيل على الخصوص بكثرة استفتائه للعلماء، مما كان يوقعهم في حرج كبير»[12]؛ لأن السلطان لم يكن يقنعه إلا الرأي المجلل بالحجة الدامغة، وإلا راجع صاحبه و حاجه كما وقع مرات. أما الفقهاء فقد كانت لهم قواعد تتبع في فتاويهم و آرائهم، و إليها يشير اليوسي عندما يقول: «لاشك أنه يجب على أهل العلم أن يتكلموا على الحق و يبينوا الحلال و الحرام، و لكن فيما يظن قبوله و لا يخشى عليه فتنة. أما ما لا يقبل و تقع الفتنة به فساقط عنهم»[13].  غير أن الرجل كان يذعن أمام كلمة الحق في كل الظروف.
                  يقول الناصري معلقا على كلمة صدرت عن السلطان في حق الفقيه أبي العباس اليحمدي:« وهي منقبة فخيمة للمولى إسماعيل في الخضوع للحق والاعتراف به»[14]. وهل هناك أدل على ذلك من سكوته عن القاضي أبي عبد الله محمد العربي بردلة الذي صلى على المولى محمد العالم اقتناعا بقوة حجج الفقيه الشرعية و التاريخية أيضا.( تراجع الحجج التي أوردها القاضي في الرد على رسالة السلطان في الموضوع في الاستقصاء ج 6 ص 117).  بل إننا نجد اليوسي نفسه في إحدى رسائله يحمد الله على أنه هو في دولة سلطان هاشمي علوي فاطمي، يستمع إلى الحق و لا يأنف عنه[15].
                      وقد بلغ من تتبع المولى إسماعيل لأمور العلماء أنه كان يستدعي بعضهم لمناقشته فيما قد يكون صدر عنه أو بلغه. يقول صاحب (الاستقصاء):« كان السلطان المولى إسماعيل بن الشريف رحمه الله قد استدعى الشيخ سيدي أحمد بن ناصر( وهو ابن الشيخ مَحمد بن ناصر الذي تولى مشيخة الزاوية بعده)... فجاء إلى الشيخ جماعة من العلماء الأعلام... وقد تخوفوا عليه... وقدم الشيخ المذكور على السلطان...[الذي] جاء إليه بنفسه وهو في روضة الشيخ أبي عثمان سعيد بن أبي بكر، وتلقاه بالقبول و التعظيم و التبجيل والتكريم. وصافحه بيده، وجلس معه في داخل القبة ساعة. ولما خرج السلطان رحمه الله من عنده جعل ينادي بلسانه في أصحابه ويقول: زوروا سيدي أحمد بن ناصر يا الناس... و يكررها من صميم قلبه»[16]. بل إن الأمر يتجاوز ذلك إلى تتبع أعمال الفقهاء وتقويمها، والإشارة إلى ما يجب عليهم فعله. يقول في رسالته الشهيرة إليهم:« وأنتم علماء المسلمين وأئمة الدين...بلغني أنه حصل منكم تقصير في التعليم حتى كاد أن يضيع العلم من فاس وهي أم مدن المغرب، فيكون في غيرها أضيع. فنامركم أن ترجعوا لما كنتم عليه من الاجتهاد و نفع الحاضر و الباد، و اعملوا بما ينفعكم يوم المعاد. وستعمكم عطايا تعم المعلم والمتعلم»[17].
                          ونختم هذه الكلام في هذا الموضوع بالإشارة إلى تلك المكانة التي لقيها العلماء الدلائيون في فاس بعد إخلاء زاويتهم، فقد « كان لهم المزيد من الحظوة و الشفوف منذ الأيام الأولى التي وطئت أقدامهم فيها أرض فاس، حتى إن السلطان الرشيد كان يوليهم كثيرا من الإجلال والتقدير(...) ويجالس في قصره اليوسي ومحمدا المرابط الدلائي و يتحدث إليهما من غير كلفة ولا احتراس. وقد سلك السلطان إسماعيل الخطة نفسها التي سلكها معهم أخوه الرشيد من قبل، فأحاطهم بمظاهر الإكرام والاحترام (...) وتطور مركز الدلائيين في فاس بسرعة،  ولم يعد أعلامهم يضاهون العلماء الفاسيين، بل بزوهم وغبروا في وجوههم، واحتلوا الصدارة الأرستقراطية الدينية والفكرية في فاس»[18].                 .                               ثانيا: أدوار الفقهاء في فجر الدولة العلوية
                    و لو شئنا أن نحدد الأدوار التي كان الفقهاء يقومون بها عصرئذ لوجدناها متعددة متنوعة، تبدأ بالتصدر للتدريس زكاة لعلمهم، وتمر عبر سلسلة من المهام الشرعية والمدنية كالإمامة والخطابة، والفتاوى الشرعية، وإصلاح ذات البين بين الأشخاص أوالقبائل، و بيان وجه الشرع في ما يعرض للناس من تقلبات الدهر ونوازله، ولا تنتهي جزما بالتصنيف العلمي وإخلاص النصح للملوك والقادة من الخاصة قبل العامة. ولن يكون بإمكاننا أن نقف عندها واحدة واحدة، ولذلك، سنكتفي بالوقوف عند التصدر للتدريس مهمة مدنية، ثم بعد ذلك سنعرج على بعض ما له علاقة بأولياء الأمور مما يزيد أدوار العلماء توضيحا.                                          1 - التصدر للتدريس:
                   أول واجبات العلماء الشرعية تصدرهم للتدريس، وإفادة العباد بما من به عليهم رب العباد. ولا يكاد أحدهم يقتعد مقعدا بزاوية أو مسجد حتى يتقاطر عليه الطلاب من كل الأصقاع، خاصة إذا كانت له نية صالحة في الإفادة، وسار بذكر علمه الركبان. يقول أبوعلي اليوسي:« فالتعليم متى أمكن بنية صالحة مع وجود أهله لا ينكر فضله، فهو من أفضل العبادات وأرفع القربات»[19]. وقال:«وطلب العلم و الاشتغال بالتعليم نوع من الجهاد، بل هو الجهاد الثاني، بل هو أهم الجهادين»[20].
                  وقد اضطلع علماؤنا القدامى رحمهم الله بهذه المهمة بهمم عالية و نوايا حسنة سيرا على نهج أسلافهم. يقول الأستاذ حجي عن العلماء الدلائيين:« فقد أخذوا يشتغلون بالتدريس كما كانوا يفعلون في الدلاء، وانتشروا في مساجد المدينة الإدريسية ومدارسها يعقدون المجالس العلمية ويفيدون الطلبة الذين أقبلوا عليهم إقبالا عظيما».[21]
                     ويقول اليوسي متحدثا عن شيخه ابن ناصر:« وكان رضي الله عنه (...) لا يخل بعلم الظاهر تدريسا وتأليفا و تقييدا و ضبطا(....) فانتفع به الخلق»[22]. أما الأستاذ محمد حجي فيقول عنه:« ثم آل أمر زاوية تمكروت إلى محمد بن ناصر وقصده المتعلمون من جميع جهات الصحراء. فكانت ثالث مركز قروي يدرس فيه كتاب سيبويه لهذا العهد، بينما لا نجد أثرا لدراسة (الكتاب) في فاس أو مراكش وغيرهما»[23].
                      ونختم برأي الأستاذ أحمد البوزيدي الذي يقول عنه:« وذكر صاحب (الدرر المرصعة) أن مَحمد بن ناصر(...) تصدر للعلم بزاوية أبيه، وعرف بالعلم والدين (...) فتحولت الزاوية في أيام مشيخته ومشيخة ابنه أحمد بن ناصر إلى أهم زاوية في الجنوب المغربي على الإطلاق لكثرة أتباعها و تعدد طلاب العلم بها»[24]. هذا عن الشيخ ابن ناصر.
                أما الشيخ اليوسي فالحديث يطول عن تصدره للتعليم، وعن اعتزازه بعلمه وطريقته، بل وتحديه لأهل فاس وهو يعتلي منابرهم بأمر السلطان المولى الرشيد الذي كان حضوره في مجلسه بالقرويين قيمة مضافة للشيخ اليوسي. وتحدثنا كتب التاريخ ويحدثنا هو نفسه عن كثرة طلاب مجلسه وخلو مجالس غيره، الشيء الذي أثار حفيظتهم، وعملوا على إخراجه من فاس. أما مع المولى إسماعيل فقد عاد اليوسي إلى البادية مسايرة لطبعه، واتخذ لنفسه زاوية عجت بالأوراد و الأذكار، وتضوعت مجالسها بالعلوم والمناظرات. بل إننا نستغرب من قوة ردوده على المولى إسماعيل وقد طلب دخوله إلى المدينة ليفيد الناس بعلمه. ولم لا يفعل و قد وصفه أستاذه أبو عبد الله المرابط في أجازته بالقول:«فارس الإملاء والتدريس(...) ذو التدقيق المعهود (...) المتمسك من الرواية بأسبابها، ومن الدراية بأهدابها؟»[25].
                   ويقول الناصري:« ولما دخل مراكش تصدر بها لإقراء علم التفسير بجامع الأشراف(...) فعجب الناس من غزارة مادته مع أنه ربما بات في ضريح بعض الأولياء (...) فلا يطالع كتابا (...) فإذا أصبح و جلس على الكرسي أطلق لسانه بما يبهر العقول (...) وبالجملة، فهو آخر العلماء الراسخين، بل خاتمة الفحول من الرجال المحققين»[26].
               2 - إسداء النصيحة للقادة:
                     هذه المهمة واجب شرعي على العلماء لقادة الأمة وعامة الناس. قال صلى الله عليه و سلم:« الدين النصيحة...» الحديث. و قد اضطلع علماؤنا القدامى بها بهمة على عهد الملوك الأشراف رحمهم الله، و لم يذخروا جهدا في أداء رسالتهم في هذا المجال. والملاحظ أنهم يحرصون قبل كل شيء على أداء فروض الطاعة والولاء، وعلى بيان أن النصيحة جاءت استجابة لرغبة السلطان أو طمعا في فوزه بخير الدارين، وأنهم يراعون أقصى حدود اللياقة في خطابهم لمعرفتهم بمكانة المخاطبين، ويختمون دوما بصالح الدعاء.(و في هذا كله بروز واضح للخصوصية المغربية). ومع ذلك يبقى صوت الحق مجلجلا. وإن القارئ لمصنفاتهم أو لرسائلهم ليعجب من قوة أسلوبهم  وجرأة حججهم و استدلالاتهم الشرعية والتاريخية التي لا تنضب. وهي مصنفات و رسائل ـ وإن كانت ترفع من قيمة أصحابها ـ إلا أنها تكشف عظمة المخاطبين بها رجالا و قادة مسلمين يلتمسون المستند الشرعي لما يقومون به، وتكشف أيضا وجود ما أسميناه من قبل بالتعاقد بين الطرفين على أداء العلماء للنصيحة، وقبول السلطان لها ما دامت تطابق الشرع.
                  وسنكتفي ببعض الأمثلة الدالة من المرحلة التي نتحدث عنها: فهذا الشيخ مَحمد بن ناصر الدرعي يرحب في بعض رسائله بقدوم السلطان المولى الرشيد إلى درعة، ويبدي الانصياع لأوامره، و يقدم فروض الطاعة، ثم بعد ذلك يسدي النصائح للسلطان، ويحمله مسؤولية استخلافه في الأرض، و ما يتطلبه ذلك الاستخلاف من الوقوف على ساق الجد في أمور الرعية[27].
                 وهذا الشيخ اليوسي يدعو المولى إسماعيل إلى التشبه بالخلفاء الراشدين الذين كانوا يرغبون في النصح ويطلبونه، وأن علماء زمانهم عرفوا منهم ذلك فأخلصوا لهم التوجيه. «ثم يختم بحمد الله على أنه في  دولة سلطان هاشمي علوي فاطمي، يستمع للحق ويطلبه ولا يأنف عنه»[28].
                   ويقول في رسالة أخرى:« و كنا كثيرا ما نرى من سيدنا التشوق إلى الموعظة والنصح (...) فأردنا أن نرسل إلى سيدنا ما إن وفق إلى النهوض إليه رجونا له ربح الدنيا والآخرة، و الارتقاء إلى الدرجات الفاخرة،  ورجونا وإن لم نكن أهلا لأن نعظ أن يكون سيدنا أهلا لأن يتعظ»[29].
          ونختم أمثلة النصح بمقتطف من رسالة أخرى يقول فيها:« وليسأل من معه من الفقهاء الثقات، الذين يتقون الله ولا يخافون في الله لومة لائم. فما أمروه به فعله، و ما نهوه عنه انتهى. هذه طريق النجاة إن شاء الله تعالى. نسأل الله تعالى أن يرزق سيدنا توفيقا وتسديدا، و أن يصلح بوجوده البلاد والعباد. آمين والحمد لله رب العالمين»[30]                                                  
 3 - إبلاغ السلطان شكاوى الناس والتشفع لديه، وحثه على المكرمات:  
                     وهذه مهمة جسيمة، العلماء أولى الناس بالقيام بها لمكانتهم عند السلطان، وإن كان بعضهم يأنف من التشفع كما سنرى. ( فقد أنكر مَحمد بن ناصر شيخ تمكروت أشياء على قاضي درعة محمد بن الحسين التكمادارتي، فرفع أمره إلى السلطان الذي تدخل على التو، وعين قاضيا آخر[31]. وتدخل لديه مرة أخرى ليقترح عليه تولية الفقيه السيد العربي بن عبد العزيز فتوى درعة وسجلماسة. وختم بقوله:« ذلك أقسط وأقوم للدين، وأمهر لثبات ملكك واستقامة الأحوال، إذ بصلاح قضاة الملك تصلح الأمور كلها (...) ولم يأل جهدا في التدخل مباشرة لدى السلطان يترفقه و يستعطفه في إطلاق سراح رجلين من منطقة الزركان»[32].
                      أما الشيخ اليوسي فيقول:« ثم لما رآني الناس أطلع على السلطان لبعض الأحيان، جعلوا يتعلقون بي طلبا للشفاعة ويثقلون علي، وأنا ما أحب أن أفتح ذلك الباب على نفسي؛ لأنه يتركني بلا شغل، ولأني لا أقدر على ذلك ولا أصلح له(...) إنما أنا رجل بدوي»[33].
                  أما في الحث على المكارم, فنقرأ لليوسي قوله:« ثم قد انتهت النوبة اليوم إلى سيدنا - المولى إسماعيل - ومصباح زماننا، و شمس غربنا. فأي شيء يمنعه وهمته أعلى، و خزائنه أملا، و قريحته أقوى، وبصيرته أضوى، من أن ينتهض إلى بناء هذه المكارم، و تأسيس هذه الدعائم، وتجديد هذه المعالم، وإحياء هذه المراسم، فيملأ مساجد فاس ومكناسة وسلا وتطاوين ومراكش وسجلماسة ودرعة بمجالس العلم وفرسان البحث والفهم (...) فإن بيوت المال بالحواضر وافرة، وأمناؤها وأمناءها بأبوابها حاضرة، ولم يبق إلا الأمر السلطاني بالإعطاء، فإذا الدنيا زاهرة، وأهل العلم متظافرة (...).
          فمن وفقه الله من الملوك فأنفق المال في نشر العلم، وأقام المرتبات، وأحسن الجوائز، حيي التعليم في زمانه، وأزهرت رياضه، وتفجرت حياضه»[34]. 
4 - مشاركة السلطان همومه، و توظيف المعارف لتهوينها عليه:
                   و هذه من مهام خاصة السلطان من العلماء في الغالب، القريبين منه مكانة ومكانا، وربما اضطلع بها من رأى نفسه أهلا أن يفعل وإن نأت الديار، وذلك لحاجة الملوك وقادة الأمة إلى من يلذذ الحار من لقم العيش ويثلج الساخن من جرع الحياة كما عبر الأستاذ أحمد شحلان في موقف مشابه. وسنكتفي بمثال واحد دال: قال أبو عبد الله أكنسوس:« حدثني بعض الثقات أن السلطان المولى إسماعيل رحمه الله لما أعياه أمر ابن أخيه ( المولى أحمد بن محرز) أصبح ذات يوم كئيبا. فقال لوزيره الفقيه أبي العباس اليحمدي: إني رأيت في هذه الليلة رؤيا أحزنتني إلى الغاية! فقال: وما هي يا مولاي؟. قال: رأيت كأن هذه الجنود التي معنا ما بقي منها أحد، و لم يبق إلا أنا و أنت مختفيين في غار مظلم. فسجد الوزير شكرا لله تعالى وأطال السجود. ثم رفع رأسه وقال: أبشر يا مولانا، فقد نصرنا الله على هذا الرجل! فقال له السلطان: ومن أين لك ذلك؟ قال: من قوله تعالى:﴿ ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا. قال صلى الله عليه وسلم: فما ظنك باثنين الله ثالثها؟ فسر السلطان بذلك غاية السرور، وأسري عنه ما كان يجده من الغم»[35].
                       ونريد أن نستمر في استعراض أدوار العلماء والاستشهاد لكل دور بوقائع وأقوال، مما يكشف عظمة هذا التاريخ الذي تقف عليه بلادنا بشموخ. غير أن الوقت لا يسعف. وعليه، نقول إجمالا: إنه كان لعلمائنا الأعلام مكانة لا يعلى عليها منذ فجر الدولة الشريفة بشهادة المؤرخين والباحثين، وأن قادة هذه البلاد كانوا منذئذ متشبثين بالشريعة،  وكانوا يقدرون الفقهاء ويحملونهم مسؤوليات البت في النوازل والفتوى والتدخل كلما دعا داع لضمان الاستقرار وسريان نفوذ السلطة المركزية بما هي سلطة شرعية. وبالنظر إلى مكانتهم لدى السلطان وفي المجتمع، أصبحوا يلعبون أدوارا اجتماعية هامة في حياة الأمة، خاصة منهم أصحاب الزوايا. يقول الأستاذ أحمد البوزيدي:«وقد كانت مثل هذه الأعمال كافية لأن تجعل المرابط صاحب الزاوية وليا مشهورا، ورجلا صالحا يلتمس الناس بمختلف طبقاتهم بركة دعواته، ولا يترددون في اتخاذه واسطة لفض نزاعاتهم المستعصية، وعقد الصلح بين القبائل، كما كانوا يستحرمون به من تعسفات الشيوخ (...) وعمال المخزن مهما كبر شأنهم[36].                                                        
                             و الله من وراء القصد، يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.              
             
     المراجع المعتمدة:

1) الدرر المرصعة بأخبار أعيان درعة: محمد المكي الناصري (صورة مخطوط في ملكية الأستاذ أحمدالبوزيدي). 
   2)الحركة الفكرية في عهد السعديين: محمد حجي ـ منشورات دار المغرب للتأليف والترجمةوالنشر،1976     
     3) رسائل أبي علي الحسن بن مسعود اليوسي، جمع وتحقيق و دراسة: فاطمة خليل القبلي ـ دار الثقافة، الطبعة الأولى ،1981      .
   4) تاريخ الدولة السعيدة: الضعيف الرباطي ـ نشر دار المأثورات ـ الطبعة الأولى ،1986
5) الزاوية الدلائية ودورها الديني و العلمي و السياسي: محمد حجي ـ مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثانية، 1988                                                                       
6) الفقيه أبو علي اليوسي،  نموذج من الفكر المغربي في فجر الدولة العلوية: عبد الكبير العلوي المدغري ـ مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، 1989   .
 7) التاريخ الاجتماعي لدرعة: أحمد البوزيدي ـ مطبعة آفاق متوسطية ـ 1994          
    8) حوض وادي درعة ملتقى حضاري و فضاء للثقافة و الإبداع ـ منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير ،1996  .
   9) الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى: أحمد بن خالد الناصري، تحقيق و تعليق الأستاذ أحمد الناصري ـ منشورات وزارة الثقافة و الاتصال بإشراف الأساتذة محمد حجي، إبراهيم بوطالب، أحمد التوفيق مطبعة النجاح الجديدة ،البيضاء ،2001 (ج 6 ).
[ملاحظة: أصل هذا البحث مداخلة ألقاها الأستاذ عبد الرحمان المتقي في الندوة التي أقامتها «جمعية علماء سوس» سنة 2006م، وظهرت ضمن كتاب « منجزات علماء سوس في عهد الملك محمد السادس»، منشورات جمعية علماء سوس - ط1(مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء،2007م)– ( الجزء السادس) وتقع المداخلة بين ص125 و 138].


[1]  الفقيه اليوسي: المدغري، ص 223
[2]  حوض وادي درعة: أحمد عمالك، ص 57 ( نقلا عن إتحاف المعاصر).
[3]  نفسه، ص58
[4]  رسائل أبي علي الحسن بن مسعود اليوسي: فاطمة خليل القبلي:1/145...147
[5]  الاستقصاء: الناصري: ج6 ص62
[6]  تاريخ الدولة السعيدة: الضعيف الرباطي،  ص 55
[7]  نفسه، ص56
[8]  الاستقصاء:6/ 62 و ما بعدها.
[9]  نفسه، ص 63
[10]  رسائل أبي علي الحسن مسعود اليوسي: فاطمة خليل القبلي:1/ 70-71
[11]  الفقيه اليوسي: المدغري، ص 227 و ما بعدها.
[12]  نفسه، ص 192
[13]  رسائل أبي على الحسن بن مسعود اليوسي: فاطمة خليل القبلي:1/ 226
[14]  الاستقصاء :6/108
[15]  تنظر: رسائل أبي علي الحسن بن مسعود اليوسي: فاطمة خليل القبلي:1/71
[16]  الاستقصاء: 6/137
[17]  الفقيه اليوسي: المدغري، ص 85
[18]  الزاوية الدلائية: محمد حجي، ص 264 - 265
[19]  رسائل أبي علي الحسن بن مسعود اليوسي: فاطمة خليل القبلي:1/188
[20]  نفسه:1/138
[21]  الزاوية الدلائية: محمد حجي، ص 263
[22]  الاستقصاء :6/131
[23]  الحركة الفكرية: محمد حجي، ص 228
[24]  التاريخ الاجتماعي لدرعة: أحمد البوزيدي، ص 130  و ما بعدها.
[25]  الفقيه اليوسي: المدغري، ص 164 /165
[26]  الاستقصاء :6/135
[27]  حوض وادي درعة: أحمد عمالك، ص 58 - 59
[28]  رسائل أبي علي الحسن بن مسعود اليوسي: فاطمة خليل القبلي:1/ 71
[29]  الاستقصاء: 6/110
[30]  نفسه، ص 113
[31]  نقلا عن طلعة المشتري ـ ج1 ص 144 و ما بعدها.
[32]  حوض وادي درعة: أحمد عمالك، ص 57
[33]  رسائل أبي علي الحسن بن مسعود اليوسي: فاطمة خليل القبلي:1/ 170
[34]   نفسه:1/ 147
[35]  الاستقصاء :6/89
[36]  التاريخ الاجتماعي لدرعة: أحمد البوزيدي، ص 125

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق