السبت، 29 أغسطس 2015

انحراف البلاغة العربية عن وظيفتها في الوجود



عباس أرحيلة
تمهيد:

القرآن خُتمت به سلسلة الوحي، ووضعتْ به نقطة النهاية للتجربة الإنسانية على الأرض. تنزيل من رب العالمين للناس أجمعين.
وحي هو كلام رب العالمين ـ الخطاب فيه موجه لهداية الناس أجمعين ـ والقرار فيه ألا تنضبط حركة الوجود البشري على الأرض بغيره ـ خطاب توسّل في تبليغ الهدي الإلهي للخلق عامة بلغة العرب ـ وجعل الله هذا الخطاب محروساً بمعجزة بيانية تتميز بالبقاء والتجدد والاستمرار إلى نهاية الدنيا. وهذا يقتضي أن تكون العربية لسان الناس عامة إلى نهاية التجربة البشرية على الأرض.

ولبيان كلام الله هذا؛ جاء البيان النبوي، وحولهما دار كلام الناس منذ بداية نزول الوحي إلى يومنا هذا. وبالرغم من الجهود التي بذلت في كل ما يتعلق بالقرآن قديما وحديثا من لدن الباحثين من المسلمين وغيرهم؛ فإن البشرية في عمومها عاشت في غفلة عن كتاب الله، واتخذته وراءها ظهريا، حين لم تترجم توجيهاته إلى سلوك يُوجه مسار البشرية في رحلتها الختامية.
        وتأتي اليوم هذه الندوة المباركة، «ندوة الخطاب الديني»، في أجواء تجعل من الإسلام فزاعة الإرهاب الديني تارة، وتجعله محاوراً لبقية الأديان تارة أخرى،كما تأتي  استجابة لاهتمامات كلية اللغة العربية بمراكش، ضمن وحدات البحث في بلاغة الخطاب في الدراسات البلاغية والنقدية قديمها وحديثا.
ومن المقرر أن القرآن معجز بطريقته في الأداء البياني لمراد الله تعالى، كان ذلك هو المنطلق في التحدي، والإجماع في ربط إعجاز القرآن بطريقته في الأداء. وأُنيط بالبلاغة العربية مهمة الكشف عن مكمن الإعجاز في ذلك الخطاب. وما تغافلت عنه الإنسانية أن طرق التعبير في الخطاب القرآني هي وسائل عبور من أقوال إلى أفعال، وما تناساه المخاطَبون بالقرآن؛ أنهم ملزمون بتطبيق ما ورد فيه، ومسؤولون ومحاسَبون عن أفعل ولا تفعل فيه.
        هل وظيفة البحث في بلاغة القرآن الكشف عن جمال الأداء فيه؟  أم ترجمة ما تستشعره البشرية من خلال جمال الأداء إلى فعل، وتحويله إلى موقف؛ تبعاً لمراد الله فيه؟ وهل أدت البلاغة العربية مُهمتها في الوجود؟

أولا: العلم في الإسلام ما استعملك:

 أي أن القول فيه يؤدي إلى العمل. وأُذَكِّرُ هنا بمُنطلقيْن جوهرييْن في القرآن:
-             قيام حركة الوجود على العمل: ﴿ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون﴾ [ التوبة:105] - ﴿وأنْ ليْسَ للإنسانِ إلاَّ ما سَعى﴾ [ النجم:39].
-             ارتباط الإيمان بالعمل:﴿ إن الذين آمنوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانتْ لهَمْ جَنَّاتُ الفِرْدَوْسِ نُزُلاً﴾ [ الكهف:107].
-              
ويُستنبط من هذين المنطلقين حقائق منها:

(1) اقتضاء العلم العمل ضرورة وجود في التجربة الإنسانية على الأرض، أي موافقة العلم للعمل وقيام التلازم بينهما، فالعلم خادم العمل والعمل غاية العلم (1).

 (2) العلم موقوف على العمل في الإسلام:

ما تقرر لدى أهل الإسلام عامة أن الإيمان قول وعمل. والشرف في العلم العمل به. والعلم النافع ما كان باعثا على العمل. وحامل العلم بدون عمل مَثَلُه ﴿كمثل الحمار يحمل أسفارا ﴾ (2)، ويكفي هذا في ذم العالم الذي لا يعمل بعلمه. وفي حديث معاذ بن جبل: العلم إمام العمل والعمل تابعه. في كتاب الإيمان للبخاري في باب من قال إن الإيمان هو العمل؛ لقول الله تعالى: ﴿وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون﴾ [الأعراف:43]. وسئل البخاري عن الإيمان فقال: قول وعمل.
وقول الغزالي في « أيها الولد»: « العلم بلا عمل جنون والعمل بلا علم لا يكون»(3). لماذا؟ لأنه لولا العمل بالعلم ما كان للعلم معنى.

(3) السنة النبوية نظر وتطبيق:

السنة وحي تم بيانه نظريا وتطبيقيا من قِبَل النبي صلى الله عليه وسلم؛ ليتأَسَّى به الخلق في معترك الحياة. وأطلق على السنة حكمة لأن القول فيها لا ينفك عن العمل، وإدراك المقاصد فيها لا يتحقق إلا حين تترجم الأقوال إلى أفعال وتكاليف. والحكيم في الاستعمال العربي من جمع بين العلم والعمل. جاء في تعريفات الجرجاني: الحكمة في اللغة العلم مع العمل(4). والحكمة هي العلم بالأشياء على ما هي عليه والإتيان بالأفعال على ما ينبغي(5).
ثانيا: انحراف البلاغة العربية:

(1) من أسباب انحراف البلاغة العربية:

(أ)خروج العربية من معترك الاستعمال اليومي إلى مجال اللهجات منذ نهاية القرن الهجري الثالث، وانحصار العربية في مجالي التدريس والتأليف.
(ب) دخول العربية إلى ميادين التصنيع والتصنع النظري والتطبيقي، وغياب الكيفيات التي تستعيد بها عنفوانها في معترك الحياة، والعمل على نشرها بين شعوب الأرض، وتطوير مناهج تقريبها من العقول والأفهام على امتداد التاريخ، وتعليمها  لغير الناطقين بها. أما اليوم فالأمية تكتسح العالم العربي، والإذاعات والقنوات تجعل اللهجات تستأسد في ديار بني يعرب، والعربية يسحب منها البساط في كثير من المواطن.
(ج) انشغال العقول بالأقوال ووجوهها وتأويلاتها واصطناع خلافات حولها، وتشغيل المنطق الصوري في تفتيتها إلى جزئيات أدخل العقول في تيه الضلالات، وفشلت تلك العقول في تحويل تلك الأقوال إلى أفعال في حركة الوجود.

(2) الوقوف عند الأقوال والأشكال:
(أ) في معترك انشغالات العقول بالبلاغة والإعجاز، صارت البلاغة بحثا عن جماليات في الأقوال مجردة عن الأفعال، بحثا في الأخيلة والصور، وفي الأبنية وهندسة العبارات؛ وكأن البلاغة بحث في جمال الصور والأشباح، وأشكال الأساليب والخطابات.
(ب) وحصرت كتب البلاغة وظيفتها في تقريب الإعجاز على مستوى التصورات وما تستدعيه من شواهد دون الأفعال والحركات.
(ج) إقحام المباحث اللغوية والفلسفية والمنطقية والوقوف عند الجمل بدل النظر في مجمل النصوص.وتمّ إغراق البلاغة في كثير من التقسيمات، وتمّ دفنها في كثير من المفاهيم والمصطلحات، ومحاصرتها في شواهد محدودة ( كما حدث في إحصاء البديع عند المتأخرين: مائة وأربعون نوعا عند صفي الدين الحلي وابن الحجة الحموي، والبديعيات بشروحها وحواشيها).
 (د) بتر الصلة بين بلاغة العبارة ومفعولها في نفس المخاطب بها؛ مفعولا يتحوّل إلى فعل متحرك بما ينسجم مع حركة الوجود.
(هـ) وفي العصر الحديث: دخلت مرحلة الإحياء، وتمّ التأسيس في ضوء التحولات التي عرفها الفكر الغربي الحديث، وظهر ادعاء نشوئها من رحم الثقافة اليونانية، ثم جاءت الانشغالات بقضايا النقد الحديث وباللسانيات ومناهج تحليل الخطاب، وبدأ الحديث عن البلاغة الحديثة.

ثالثا: لحظة الانحراف:

لعل أخطر انحراف عرفته البلاغة العربية كان حين حصرت اهتمامها في صياغة الأقوال وتَشَكُّلاتها، ولم تَتَأتّ ترجمة تلك الأقوال إلى أفعال في واقع الحياة. وأرى أن لحظة ذلك الانحراف بدأت مع السؤال عن ماهية البلاغة في أواسط القرن الثاني للهجرة. فقد تجرَّأ حفص بن سالم (6)، وهو شاب من أهل الاعتزال، على عمرو بن عبيد( 144هـ) (7)، وهو من كبار الزهاد فسأله:
« ما البلاغة ؟
قال: ما بلغ بك الجنة، وعدَل بك عن النار، وما بصَّرَك مواقع رُشدك وعواقِب غيِّك.
قال السائل: ليس هذا أريد.
من لم يُحسن أن يسكُت لم يُحسن أن يستمع، ومن لم يُحسن الاستماع لم يُحسن القول.
قال: ليس هذا أريد.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنّا معشرَ الأنبياءُ بِكاء» أي قليلو الكلام (...).
 قال السائل: ليس هذا أريد.
قال: كانوا يخافون من فتنة القول، ومن سقطات الكلام، ما لا يخافون من فتنة السكوت، ومن سقطات الصمت.
قال السائل: ليس هذا أريد.
قال عمرو: فكأنك إنما تريد تَخَيُّرَ (تحبير) اللفظ في حُسن الإفهام،
قال: نعم.
قال: إنك إن أُوتيتَ تقريرَ حجة الله في عقول المكلَّفين، وتخفيفَ المؤونة على المستمعين وتزيينَ تلك المعاني في قلوب المريدين، بالألفاظ المستحسَنة في الآذان، المقبولةِ عند الأذهان؛ رغبةً في سرعة استجابتهم، ونفيِ الشواغل عن قلوبهم بالموعظة الحسنة، على الكتاب والسنة؛ كنتَ قد أوتيتَ فصلَ الخطاب واستوجبتَ على الله جزيل الثواب» (8).

ويلاحظ ما يأتي:
 (1) أن البلاغة ما بلغ بك الجنة أي ما كشف لك ما به تعرف حدود الله تعالى فتلتزم بالمنهج، وتتجنب الغي والفساد. فالبلاغة تمثُّلٌ لقول الله عز وجل وامتثال له، وترجمته إلى فعل. فلا ينبغي أن يأخذنا الإعجاب بالأقوال، وننصرف إلى التأمل في الأبنية والصِيَغ والتراكيب والتصوير؛ وننسى مقاصد الخطاب في علاقتها بالأفعال. ويلاحظ أن السائل لا يُريد ما يبلغه الجنة، وإنما يبحث عن جنة له في الكلام، وهذا ما كان ديدن الكثير من أهل البلاغة في تاريخ ثقافة أهل الإسلام، وازداد هذا الديدن في العصور الحديثة نتيجة تقليد ما استُحدث عند الغربيين من طرق تحليل الخطاب.
(2) البلاغة حسن الاستماع إلى ما به يتحقق الالتزام بالمنهج. وهو الاستماع الذي به تكون النجاة من السعير﴿ وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير﴾[الملك:10]. فالمسلم يستمع إلى قول الحق، وحين ينشغل بترجمته لذلك القول إلى سلوك، لا يجد وقتا كثيرا لما يُمكن أن يقوله هو، ولا ينبغي أن يُخامره إعجابٌ بما يقول إذا كان قوله يبعد عما هو مأمور بفعله. فالخوف من « فتنة القول، ومن سقطات الكلام». وفي تاريخنا الثقافي فُتِن أكثر الناس بفتنة القول، وازدادت الفتنة اليوم حين تشكل القول في أشكال من الفتنة، زادت الأمة ضياعا. وأول ما بدأ به الجاحظ البيان والتبيين قوله: « اللهم إنّا نعوذ بك من فتنة القول كما نعوذ بك من فتنة العمل، ونعوذ بك من التكلّف لما لا نُحسن، كما نعوذ بك من العُجْب بما نُحسن».
(3) البلاغة تخير (تحبير) اللفظ في حسن الإفهام، جعل البلاغة تسعى إلى أن يفهم السامع أو القارئ ما يُلقى إليه، وأن يتخير صاحب القول الأسلوب المناسب، ويتأنق في اختياره. كان الجواب بنعم. ومعنى ذلك أن يُراعى في القول جمال العبارة وتيسير الفهم. ولكن لا معنى أن يتخيَّر صاحب القول قوله، ويتحرى حُسْنَ إفهام متلقيه؛ إذا كان قوله لا يهدف إلى تقرير حجة الله تعالى في عقول المكلفين، « ونفي الشواغل عن قلوبهم بالموعظة الحسنة، على الكتاب والسنة». ففن القول ينبغي أن يتجه إلى تقرير حجة الله، وجماليته لا تتحقق إلا إذا زيَّنتْ معاني تلك الحجة في قلوب المريدين. وعلى هذا النهج يُؤتَى ﴿فصل الخطاب ، ويستوجب العبد جزيل الثواب عند الله تعالى. وأي معنى لكلام لا صلة له بسلوك صاحبه. ألم يقل الحسن البصري (110هـ) عن عمرو بن عبيد، « لقد سألتني عن رجل كأن الملائكة أدبته، وكأن الأنبياء ربَّتْه»(9).

ومن مظاهر انحراف البلاغة:
أولا: تغييب الغاية الوظيفية للأدب التي هي الدعوة إلى المحامد والنهي عن المقابح، وربطه بفنون الشعر والنثر، وأضحى لفظ الأدب مقصوراً على فني الشعر والنثر، مرادفا للبيان مع الجاحظ. وتنوسيَ ارتباط اللفظ بالسلوك في أصله اللغوي، وأن البعير – في لسان العرب – هو الأديب المُؤَدَّب إذا رِيضَ وذُلِّل (10)!
 وفيه أن الأدب « سٌمِّيَ أدباً لأنه يأدِب الناسَ إلى المحامد، وينهاهم عن المقابح، وأصل الأدب الدعاء».
وخرج لفظ التأديب من مجال السلوك إلى ما يتأدب به الأديب، وإلى « الظرف وحسن التناول»، فأصبح لدينا مادة أدُب بالضم، وأصبح الأدب كلاما.
ثانيا: أصبحت البلاغة تُعنى بتخير اللفظ وحسن الإفهام. وانتهى البيانيون عامة وأهل الإعجاز إلى نظرية النظم التي أوضحها عبد القاهر الجرجاني (471هـ)، وعمل على تطبيقها الزمخشري في « كشافه».
ثالثا: أصبح مفهوم البيان لا يخرج عن إيضاح فن القول وظهوره، من بان الشيء إذا اتضح فهو بيِّنٌ، والتبيين: الإيضاح والوضوح! فارتبط البيان بالفصاحة واللَّسَن، وأضحى هو « الإفصاح مع ذكاء»! وسارت بهذا المعنى الركبان. وتنوسيَ أن أصل البيان هو الهداية! ففي لسان العرب الذي يُستشهد به عادة في مادة ( بين)، نجد:« يُقال، بان الحق يَبينُ بياناً فهو بائن. وأبان يُبين إبانة فهو مبين بمعناه. ومنه قوله تعالى ﴿ حم والكتاب المبين... وقيل معنى المبين: الذي أبان طرق الهدى من طرق الضلالة وأبان كل ما تحتاج إليه الأمة. وإلى هذا المعنى ذهب الزجاج، قال: «فمعنى مبين أنه مُبيِّنٌ خيْرَه وبركته، أو مُبيِّنُ الحق من الباطل والحلال من الحرام، ومُبيِّنٌ أن نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حق، ومُبينٌ قصص الأنبياء» (11). فخُص الإنسان بالبيان لقابليته للهداية، فالآيات البينات في كتاب الله تعالى ترتبط بهداية الخلق، فعيسى عليه السلام آتاه الله البينات:﴿وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس [البقرة:87]. وموسى جاء بالبينات: ﴿ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون [البقرة: 93]، وأنزل على محمد بن عبد الله آيات بينات: ﴿ ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون [ البقرة:99].
 وأمرنا أن نتبيَّن بمعنى أن نتثبت في الأمر وأن نتأنَّى فيه. وهكذا بقي متداولا من معاني البيان ما يتعلق بالوضوح.
وإذا كان لفظ البيان قد ورد عند الجاحظ مرادفا للأدب، فقد لاحظ أحد الباحثين أن الجاحظ جعل الأدب أقرب إلى علم الأخلاق وعلم التربية، حين قال في « رسالته في المعاش والمعاد»: « فرأيتُ أن أجمع لك كتابا من الأدب جامعا لعلم كثير من المعاد والمعاش، أصف لك فيه الأشياء وأخبرُك بأسبابها»(12).
خاتمة:
وأرى أن البلاغة العربية قد انحرفتْ عن مسارها في الوجود حين ابتعدت عن وظيفتها الجوهرية في الحياة؛ وهي أن تتعمق أسرار كلام رب العالمين؛ ليتحوّل من دلائل إعجاز وأسرار بلاغية مُطلعة على أعجاز القرآن، ومن جماليات وتأثيرات وخطابات ومقولات وأسلوبيات وتحليلات...، إلى أفعال لا تستقيم حركة الوجود بغيرها. البلاغة أن نكون شهداء على الناس بحركتنا في الوجود من خلال كلام رب العالمين. البلاغة علم يقتضي العمل، وليس قولا. إننا ندّعي أننا نفهم ما نقرأ ونتأثر به، وننفعل به، وندّعي أننا نُحلّلُه ونكتشف جمالياته، ثم يظل كل ذلك أقولا تتراكم في الكتب على السنين. ونظل على مدى القرون نقول ولا نفعل. والبلاغة إذا كانت علما؛ فالعلم يقتضي العمل؛ فالبلاغة قول وعمل. وما العمل؟ وكيف يكون؟ هذا ما ضاع من عقول أهل البلاغة، ولم تُعْرَفْ له مناهج ولا أسلوبيات...؛ لأننا تتبعنا الأقوال وأضعنا الأعمال.

[ملاحظة: كلمة ألقيت في ندوة « البلاغة والنص الديني» بكلية اللغة العربية بمراكش خلال يومي: 21 – 22 نوفمبر 2008م].

هوامش:

(1) اقتضاء العلم العمل، عنوان لكتاب الخطيب البغدادي (463هـ ) أتى فيه بكل الأحاديث والمأثورات التي تقرر حقيقة تلازم القول والفعل، العلم والعمل في التراث الإسلامي.
(2)﴿مثل الذين حُمِّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين ﴾ [ الجمعة: 5 ].
(3) أيها الولد: الغزالي ( محمد بن محمد 505هـ)، تحقيق: علي محيي الدين علي القرهَ داغي – ط1[  القاهرة، دار الاعتصام، 1985]، ص108
(4)كتاب التعريفات: الجرجاني ( علي بن محمد816هـ)، تحقيق: إبراهيم الأبياري– ط2 [ بيروت، دار الكتاب العربي، 1992]، ص123
(5) تفسير البيضاوي (685هـ): 4/346قال الراغب الأصبهاني ( القاسم بن محمد 502هـ):«العبادة ضربان: علم وعمل، وحقهما أن يتلازما؛ لأن العلم كالأُسِّ والعملَ كالبناء، وكما لن يُغنيَ أُسّ ما لم يكن بناء، ولا يَثبُتُ بناءٌ ما لم يكن أُسٌّ، كذلك لا يُغني علمٌ بغير عمل ولا عملَ بغير علم »: تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين، تحقيق: د. عبد المجيد النجار – ط1 [ بيروت، دار الغرب الإسلامي، 1988م]، ص159
(6) حفص بن سالم، وهو الذي بعثه واصل بن عطاء إلى خراسان وناظر بها جهما فقطعه وأجابه خلق كثير، ووضعه ابن المرتضى في الطبقة الخامسة: طبقات المعتزلة: ابن المرتضى ( أحمد بن يحيى 840هـ) تحقيق: سوسنّه ديفلد – فلزر – ط1 [ بيروت، دار مكتبة الحياة، 1960]ص42
(7)عمرو بن عبيد، أبو عثمان، شيخ المعتزلة في عصره، وقيل إنه اعتزل مجلس الحسن البصري فكان أول المعتزلة، وهو من أصحاب واصل بن عطاء، وأحد الزهاد المشهورين، قال عنه المنصور العباسي: « كلكم طالب صيد، غير عمرو بن عبيد»، جعله ابن المرتضى في الطبقة الرابعة، توفي سنة 144هـ: طبقات ابن المرتضى، ص35 – 36 - تاريخ الفرق الإسلامية ونشأة علم الكلام عند المسلمين: علي مصطفى الغرابي – ط2[ القاهرة، مكتبة الأنجلو، 1985م]،  ص104 - 127
(8)البيان والتبيين الجاحظ ( عمرو بن بحر 255هـ)، تحقيق: عبد السلام هارون ط 4[ بيروت، دار الفكر، د.ت]:1/114 – 115 – عيون الأخبار: ابن قتيبة ( محمد بن مسلم276هـ)، تحقيق: د. محمد الإسكندراني – ط1 [ بيروت، دار الكتاب العربي،1994م]:2/567 – 568  العقد الفريد: ابن عبد ربه، تحقيق: أحمد أمين، أحمد الزين، إبراهيم الأبياري – ط1 [ بيروت، دار الكتاب العربي،1956م]:2/260 – زَهر الآداب وثمر الألباب: الحصري ( إبراهيم بن علي 453هـ)، تحقيق: د. زكي مبارك، وزاد في تفصيله محمد محيي الدين عبد الحميد – ط 4[ بيروت، دار الجيل،د.ت]:1/143 ( وفي غير البيان والتبين: ما بَلَّغك الجنة - تحبير: في زهر ألآداب).
(9) تاريخ الفرق الإسلامية ونشأة علم الكلام عند المسلمين: علي مصطفى الغرابي، ص106
(10) ففي لسان العرب لابن منظور (711هـ): «البعير إذا ريض وذلل أديبٌ مؤدبٌ، قال مزاحم العُقيلي:
                   وهُنَّ يُصَرِّفْنَ النَّوى بين عالِجٍ     ونجرانَ تصريفَ الأديبِ المُذلَّلِ»- ط3[ بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1999].
(11) المصدر السابق[ مادة: بين].
(12) علم البيان، أعلام درسه ومدارسهم وقضاياه ووجوهه: د. أحمد أحمد فشل- مطبوعات جامعة الإسكندرية، كلية الآداب،1991، ص39 (ورجح فشل أن يكون الجاحظ اختار لكتابه البيان وفَضَّلَه على الأدب الذي يعني ألوان السلوك وفنون القول معاً، ص40).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق