السبت، 23 يناير 2016

الأحــــــلام القــتـــيــلــة



(قصيدة لأحمد زيادي إثر وفاة صديق العمر المحامي الكبير محمد الصبري)
 
 أيها الفقيد الغالي
                                      حينما كان غيرك يطلب العلم في الظل،
                                      ويتطلع إلى الحياة الرغدة من وراء النافذة،
وكان آخـرون
 من خارج الخنادق
 يتهافتون على الغنائم.
 وآخرون يتسللون إلى المناصب.
كنت أنت في الهجير،
 تقبض على الجمر الحارق

عــيــني الـتي
كــنــتُ لمـثل هـــذا اليـوم
أُرْجِّــئُــها
دالـحـــةً بـالـسحائب الثـــقيلــة

تجـــلو غمَّتي
تصـد عاصفة هوجــاء
تقــتلع الأرض من تحـتي
تغــتالُ في شـمعــتي الفـتـيلــة

شـغَـلَتـها عـنّي
مــواجـــــع
وفواجـــــع
تردَّدُ بيــن ضــلوعٍِ نحيـلــة

ومــن أين لعــيـني
وقــد غـار المعـين
أن تُـسعِـف الـقلبَ الكئيب
بالـدمــوع القليلــة

فما عـدتُ أدْري
يا سيِّدَ طفولتي وشــبابي
أأبكيكَ
أم أبكي نفسي
أم أبكي أحـلامــَنا القـتـيلــة

يا قنــديلي المـشــع
في عتــمــة الخـلوة
ووحـشــَـة الغـربة
و الشــدة الوبيــلــة

ها قــد رحَـلْتَ عـنّي
فمــنْ يُذََكِّرُني
بـما نسيتُ من ذِكْرياتِـــكَََ
بلْ منْ ذِكْرَياتِ الطُّـفولــة؟

منْ يُــسبِغ عـلى الأشْـياءِ
أسْـماءَها وألْــوانها وأصْــواتَها
وقـد خانــتني ذاكِــرتي البديلــة؟

يا مؤنسي في وحدتي
ومعـــيني
إذا عظُـــم البــلاءُ
وعـــزَّت الوســيلــة؟

يا كفِّيَ المَمْـدودَةَ إلى السَّماءِ
في غسق الفجــر
تَــسْـتَـدِرُّّّ الوسـيلةَ والفـضـيلــة

وكيف أبكــيك
وأنت أزكى من دمع أُجاج
وتنــهـيدة حــرّى
في ليلة حداد طويــلــة

وكيف أبكــيك
يا سيد الفرح المــاضي
و إشـراق الأمل الآتي
وبهـجة أيامـنا العصية المـليلــة

وكيف أبكــيك
يا صـوفي الساسة
ودرويش النــضــأل
في سـنوات الـقهـر والغـيلــة

وكيف أبكــيك
وأنت أصـبر من احتسب البلايا
ومـسح بالإيـمـان
مـهـجـة جـريحـة
وعــيــنا بـليــلــة

وكيف أبكــيك
يا ســيـد الحــوار
ومــدار الحديث
وقطب المجالس
وأمين ذكــرياتنا الجمــيلــة

وكيف أبكــيك
والموت أضحى بين الناس
أملا،
وخَــلاصا،
وولادة

وكيف أبكــيك
وقـد صــار الموت
في زمن الهجنــة
مــجــدا،
وراحــــــة،
وشـــهادة .



أحـــمـــد زيـــــأدي
الدار البيضاء في :6 ربيع الأول 1437 موافق 18 دجنبر2015




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق