الثلاثاء، 1 سبتمبر 2015

التراث والتاصيل- افتتاحية الدكتور عبد الجليل هنوش



افتتاحية
                                                                                                          
                                                                                                           د.عبد الجليل هنوش

      أسسنا في كلية الآداب و العلوم الإنسانية بمراكش وحدة للبحث و التكوين لتأطير طلبة الدكتوراه، سنة 1998، و أسميناها آنذاك " البلاغة و تكامل المعارف"، و ذلك سعيا منا إلى تطوير البحث في مجال علم البلاغة الذي هو علم من أهم العلوم في الثقافة العربية الإسلامية، حيث لا يستطيع أي مجال معرفي الاستغناء عنه، فهو العلم الذي يوفر لهذه المجالات أسباب الإبداع في الفهم و الاستنباط ،و بناء على هذا رأينا أن تكون وحدة " البلاغة و تكامل المعارف" مناسبة للكشف عن مدى تغلغل الآليات البلاغية في الخطاب العلمي في التراث العربي الإسلامي .و قد سجلنا عددا من أطروحات الدكتوراه نوقش أغلبها، و نسجل للتاريخ أن هذه الوحدة أي "البلاغة و تكامل المعارف" كانت أول وحدة للدكتوراه تفتح بكلية الآداب و العلوم الإنسانية ، و لم تأت باقي الوحدات إلا بعدها بأكثر من سنتين. كما أنه للتاريخ أيضا نسجل أن هذه الوحدة هي التي خرجت أكبر عدد من الخريجين من حملة الدكتوراه بالكلية إلى حد الآن.
     و قد كان من ضمن الفريق العلمي للوحدة أستاذي الفاضل الدكتور عباس ارحيلة، و لذلك قررنا بمناسبة انتهاء العمل بهذه الوحدة بعد تغيير القانون المنظم للدكتوراه و خلق مراكز الدكتوراه بالجامعات، أن نقيم ندوة علمية دولية تكون تتويجا لأعمال هذه الوحدة، فجعلناها في موضوع" قراءة التراث اللغوي و النقدي: المنهج و الآليات" تكريما للأستاذ عباس ارحيلة، و انعقدت الندوة يومي 6 و 7 ماي سنة 2010 . و قد شارك في هذه الندوة عدد من جلة العلماء من المغرب و  الأردن و المملكة العربية السعودية، و قد كان على رأس هؤلاء جميعا أستاذي العلامة المفكر المغربي اللامع و الفيلسوف العربي الساطع الدكتور طه عبد الرحمن، فقد أعطى حضوره لهذه الندوة نكهة خاصة، و قيمة متميزة، كما كانت هذه الندوة مناسبة لمشاركة عدد من الزملاء من الأساتذة و من خريجي وحدة الدكتوراه الذين هبوا للاحتفاء بهذه الوحدة المتميزة و لتحية أستاذهم الدكتور عباس أرحيلة.
  و تصادف أن تتزامن فترة إعدادنا لهذه الندوة العلمية، مع ندوة أخرى نظمها "النادي الأدبي" و "مؤسسة البشير" للتعليم الخصوصي ، و هي معلمة من معالم مراكش، يقوم عليها رجال يؤمنون برسالتهم في بناء الإنسان بناء إيمانيا حضاريا، فاجتمعت كلمتهم على تكريم الأستاذ الفاضل عباس أرحيلة ، و كان موعد هذه الندوة سابقا على ندوتنا بأيام يجاوز تعدادها الشهر بقليل. 
    و قد ارتأينا أن تجتمع جهود وحدة" البلاغة و تكامل المعارف" و جهود "مؤسسة البشير" لإخراج هذا العمل الذي يتضمن أهم المشاركات التي توصلنا بها في الندوتين و كان لها صلة مباشرة بأعمال الدكتور عباس أرحيلة. و بهذه المناسبة أود أن أزجي الشكر خالصا لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية على طبع ونشر هذا العمل، كما أشكر أخي الدكتور مولاي يوسف الإدريسي الذي بذل جهدا طيبا في تجميع أعمال الندوتين وإعدادها للنشر، مع حرصه على الإخراج الفني لهذا العمل.
وفي الأخير أرجو أن يكون هذا الكتاب مفيدا للطلاب والباحثين في مجال النقد الأدبي و البلاغة، وأن يكون مباركا في التأريخ لحدث ثقافي هام عاشته مراكش، وفي التعريف بعلم من أعلام هذه المدينة الكبار.
وختاما أرجو أن أكون بهذا وفيا لأستاذ جليل تعلمت منه الكثير واستفدت منه الجم الغفير، و هو يعلم أن علاقتي به روحانية متواصلة لا تنقطع، ومتصاعدة لا تتضع، فمنه تعلمت أن العلم والخير صنوان لا ينفصلان ، بل إنهما شيء واحد لا ينقسم فما العلم إلا الخير و ما الخير سوى العلم. فجزاه الله خير الجزاء و بارك في علمه و عمله ، و كتب له الفلاح في الدنيا و الآخرة.

                                                      د.عبد الجليل هنوش
منسق وحدة" البلاغة و تكامل المعارف"

وعميد كلية آداب مراكش.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق