الثلاثاء، 8 مارس 2022

                            كلمات تمهيديَّة عن تراث الإسلام

                                                                                       عباس ارحيلة 

أولا: تراث يرتبط به الوجود والمصير

تراث الإسلام هو ما تشكّل حول الوحي بشقّيْه: القرآن الكريم والسّنَّة النبويّة، فهو تراث ارتبط بدينٍ واحتفَّ به، وتخَلَّقَ منه؛ استجابةً لمجيئه للناس كافةً؛ فنشأ ما ظهر للإسلام من وجود تاريخيّ في الحضارة والفكر والثَّقافة. فأصبح التراث هو مستودَع حضارة الإسلام عقيدةً ولغةً وفكراً. فهو أُسُّ البناء الحضاريّ للأمة الذي به تصبح كينونتها راسخة في الوجود البشري.

وبفضل خاتميةِ هذا الوحي، وعمومِيته لكافّة البشر؛ تقرّرتْ صلاحيتُه للبقاء والتجدُّد والاستمرار على مدى ما تبقَّى من الحياة البشريّة على الأرض؛ ومن هنا ارتبطت حقيقة ذلك الوحي بالمصير البشريّ حالاً ومآلاً؛ آمن به من آمن، وكفر به من كفر.

ثانيا: تراث صار بمثابة جينات وراثية

وبمُضيِّ الزمن، استقرّ ذلك التُّراث في سويداء قلوب المؤمنين به من أي جنس كانوا، وصار بمثابة جيناتٍ وراثيةً يتوارثها أبناؤهم؛ بها يتحقَّق وجودهم بين بَني البشر، وبها يُعرَفون، وبفضْلِها يُذكَرون، وباستلهام روحها يتطوَّرون؛ فيحاورون الحضارات البشريّة من مراكز عقيدتهم به.

وبقوَّة إرثهم الإيمانيّ الوجوديّ الحضاريّ؛ تبيَّن لحاملي جينات ذلك الموروث أن وجودهم وهُوِيَّتَهم مشروطان بوجوده، وحضورُهم في التاريخ رهينٌ بحضوره. ومن تلك الجينات تشكّلت الهُوِيَّة الإسلاميَّة في التَّاريخ البشريِّ. وأصبحت هذه الهُوِيَّة مكمَن القوة في المؤمنين بها. وسعى العدوّ إلى تجريدهم منها، وتدمير منبع الحيوية فيها. 

ونتيجةً لذلك، تعرَّضت تلك الجينات الوراثيَّة في الهُوِيّة الإسلاميّة لأشكال من التشوُّهات على مدار التاريخ، مع سعي أعدائهم إلى إطفاء ما تحتويه من نورانية، بها يشعُّ الإيمان ويتجدَّد، فتمّت محاصرة ذلك التراث، قديماً وحديثا، تشكيكاً وطعناً وتشويهاً في وجدان المؤمنين به؛ لصدِّهم عنه، وإطفاء جذوته في نفوسهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق